للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جزية الرءوس

استعملت هذه الضريبة قديماً في جميع الدول، فلقد جباها الفراعنة واليونان والفرس، ثم الرومان والعرب من بعدهم. وهي لا تزال تجبى اليوم على نطاق مصغر في بعض البلاد المتمدنة، أو هي قد اتخذت في أغلب الأمم الحديثة شكلاً جديداً أو اسماً غير اسمها القديم. ومؤيدو هذه الضريبة يقولون بوجوب فرضها على جميع الناس، لكي يشعر كل فرد من الأمة بأنه عضو فعال في دولته، وأن عليه مسؤولية نحوها كمسؤولية عضو الأسرة نحو الأسرة.

وهؤلاء المؤيدون يرون أن قسما كبيراً من الشعب لا يؤدون إلى الحكومة ضرائب مباشرة، وهم لذلك لا يشعرون بشيء من الصلة التي تربطهم بالدولة ارتباط الضرورة الاجتماعية

وعلى هذا ينبغي وضع الضرائب مباشرة على كل رأس ليتم بذلك الترابط الاجتماعي المنشود

وليس من العدل كذلك أن يشترك في حكم البلاد كل الأفراد، ثم لا يؤخذ من بعضهم قسط من النفقات اللازمة لتدبير الأمور العامة

إن مشروعية الجزية مستندة إلى حماية الحياة التي هي أهم وظائف الدول وأكثرها حاجة إلى الإنفاق. إذ يجب حفظ الأمن العام، الداخلي والخارجي، وعقاب المجرمين والمعتدين

ولا يزال بعض المؤلفين المحدثين يدافعون عن جزية الرءوس بقولهم: (ما دامت الحكومة الديمقراطية يشترك في إدارتها كل ناخب، فيجب إذن أن يفرض على جميع الناخبين جزية مباشرة، مهم كانت صغيرة، إذ لا يمكن أن تضطلع بأعباء الضرائب طبقة من الناس بينما تضطلع بالحكم طبقة أخرى)

وهاهي ذي بعض ولايات سويسره والولايات المتحدة الأمريكية، قد فرضت ضريبة يسيرة على الرؤوس لتكون بدلاً عما أعطى الفرد من حق التصويت أو الانتخاب

وفي الحقيقة أن الجزية لها من المزايا ما جعلها محببة إلى الجباة في كل حين. ذلك أنها سهلة في إدارتها كل السهولة، وافرة المحصول هينة الجباية. وما هي إلا أن يختم على رقاب الناس أو تسجل أسماؤهم، ثم لا يترك الشخص كل عام حتى يدفع ما عليه من ضريبة وهو من الصاغرين

<<  <  ج:
ص:  >  >>