للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المناسب لانتشار آرائهم وذيوع أفكارهم. ولا يعوزنا الدليل بأن العربي موفور الذكاء مستعد بفطرته للاستنباط والتفوق إذا ما تساوت الأشياء، وأمنت السبل.

سواء علينا أن نعتنق الفكرة الرأسمالية التي ترى أن الدوافع المادية القوية تخلق العلماء، أو نعتنق الفكرة الاشتراكية التي ترى أن الرجال القادرين على الخلق والابتكار والتجديد ينفذون مآربهم بأي ثمن كان ويعملون بجد وحزم دون أمل في مغنم أو خشية مغرم؛ فإننا لا نستطيع إلا أن نحكم بأن تفكير العالم في خبزه وحياته يعطل تفكيره ويشل إنتاجه. فمقدار التضحيات المبذولة في سبيل العلم - مهما عظم هذا المقدار - لا يحملنا على الظن بأن رجال العلم رجال تضحية دائماً ولا يسعون من أجل المادة والمتاع الدنيوي. ولما كان حق الحياة وحق الحصول على مقوماتها متوقفين على خدمة الجماعة، فأولى بالمسؤولين أن يضمنوا للعالم حياة راضية لأنهم أول من يقدر خدمة العالم للجماعة

لا يكون هناك شيء غريب في أن يلقى العالم بعض المضايقات هنا، فتاريخ العلم مفعم بمثل هذه المضايقات. لقد دمرت الغوغاء مختبر بريستلي، وحرم جول من إجراء تجاربه لأن صوت الآلة كان يزعج أحد جيرانه، وجن العالم ماير لأن الناس سخفوا آراءه الصادقة. وكم أصيبت حرية الفكر بصدمات عديدة نتعب ونتعب إن حاولنا تقصيها وذكرها. ولكن جهد الحكومة المثمر سيقلل من هذه المضايقات، ويهيئ للعالم جواً رحباً تكون آفاق التفكير فيه واسعة مشرقة

نحن في فجر عصر يحملنا على التفكير السياسي، والتفكير الاقتصادي، والتفكير العلمي، والتفكير الأخلاقي، وبقدر ما نفكر ونستعد بقدر ما نستطيع أن نؤكد ذاتنا في المعترك الأدبي

اخلقوا لنا بيئة علمية راقية تزيلوا بذلك أمراضاً كثيرة تنخر في أجسامنا وتهدم من كياننا.

خليل السالم

<<  <  ج:
ص:  >  >>