العلماء المختصين المشهود لهم من الجامعات الغربية والقومية بالتفوق والنبوغ
وتستطيع الحكومة أن تنشئ جمعية علمية خاصة بها تضم العلماء الذين قدموا للعلم والإنسانية خدمات كبيرة تعترف بها المجامع العالمية؛ وتساعد تشكيل الجمعيات العلمية الأخرى، وتمدها في أول عهدها بالمال اللازم لحياتها وطراد تقدمها. ولعل من أقوى مظاهر التنظيم أن يكون المجمع اللغوي واقفاً على كل المصطلحات الجديدة، قامعاً من فوضى الترجمات المتباينة ومشجعاً على نقل الكتب الحية من لغاتها الأصلية إلى اللغة العربية، وناشراً هذه الكتب بأثمان لا تبهظ المثقف العادي
بيد الحكومة إرسال البعثات إلى الجامعات الكبرى، وبيدها قضية تبادل الأساتذة والعلماء، وبيدها الاشتراك في المؤتمرات العلمية والثقافية، وهذه أسباب قوية في تطعيم الثقافات وبعث روح جديد في الوسط العلمي
وهي ترسم الخطط لترويج الثقافة العلمية في المدارس على الوجه الأخص وفي الأمة على الوجه الأعم. ولعل هذا الجهد أجدى ما يمكن أن تقدمه الحكومة لمساعدة العلم، وفي الوقت نفسه لا يكلف خزانتها ثمناً باهظاً. فهي تستطيع أن تعدل المناهج وتقرر الأصول، وترشد إلى أنجع الطرق التربوية التي تشوق الطلاب وتصرفهم إلى حياه علمية قبل أن تلقنهم الحقائق العلمية. تستطيع كل هذا دون أن تضيف إلى الميزانية شيئاً جديداً. أما بين أفراد الأمة، فإننا لا نستطيع أن نؤمن بالوسط الصالح إلا إذا أقبل الرأي العام على العلم بشغف ونهم؛ والمجلات العلمية المتزنة، والمحاضرات المجانية في قاعات الجامعات والمدارس ومن وراء المذياع تعجب الجمهور، لأن العلم يتسع لكثير من المحاضرات التي تتملق الرأي العام وتثير في ذهنه مشاكل نهائية حيوية، لا يصبر عقله عن البحث الطويل لفهم حلولها وتفسيرها
وقصارى القول أن تعزيز السلطة للعلم واحترامها للعلماء يبعثان في الجمهور تقدير العلماء وإكبارهم دون تعليق على قيمة أبحاثهم سواء كانت سياحة في أعماق الفضاء، أو استنطاقاً لأسرار الذرة.
وتبقى شخصية العالم لتكون دعامة ثالثة قوية في خلق البيئة العلمية، فكما نجد كثيرين من العلماء خلقهم الظرف الحازب، نجد عدداً كبيراً من العلماء خلقوا الظرف الملائم، والوسط