يضطلع الشام الآن بحصة وافية من النهضة الأدبية العربية على الوجه الذي يحمل بتاريخه العريق
ومن أدباء الشام المبرزين في هذه النهضة الأستاذ معروف الأرنؤوط صاحب رواية (فاطمة البتول)، التي نحن بسبيل الحديث عنها
يسرد المؤلف في روايته قصة الحسين بن علي منذ تلفت إلى الخلافة لفتة الأمل إلى أن قضى في سبيلها نحبه. ويبث المؤلف في جنبات القصة سيرة الحسين، وأشتاتاً من أخلاق جده النبي صلى الله عليه وسلم وأمه الكريمة وآله الطيبين، معتمداً على المراجع التاريخية العربية المعتادة، مسترفداً أحياناً من أمهات كتب الأدب العربي. وعلى حوافي قصة الحسين وآله قصة زوجين عذريين هما نموذج فذ للتعاطف والتحاب، أدناهما الزواج بعد عشق مبرح، فجاءا البلاد المقدسة يباركان حبهما، ويريان إلى نور النبي في وجه سبطه. . . وهناك يلقيان ليلى الكندية أخت حجر بن عدي، فتزين للزواج أن ينفر إلى العراق ليكون يداً للحسين على أعدائه، فيستجيب لهذه الدعوة ابتغاء المجد وطاعةً لعواطف الشباب، ويودع زوجته الحبيبة التي تعود إلى وطنها في وادي القرى، ويمضي هو إلى العراق ليحقق مطامحه المخلصة، فيذهب هناك ضحيتها. . . ويضني الشوق زوجته، ويطول عليها الانتظار، فتبخع نفسها حزناً!
تلك خلاصة الرواية، لا يزيد حظ فاطمة منها على حظ أغلب شخصياتها الأخرى؛ لذلك كان غريباً أن تحمل اسمها الكريم، فلئن جاز ذلك لأن الرواية تضمنت شيئاً عنها، لكان الأولى أن تحمل أسم النبي صلى الله عليه وسلم، أو اسم الحسين ابن علي، أو عمرو ابن الحويرث، أو هند زوجته، أو ليلى بنت عدي، أو يزيد ابن معاوية، فلكل من هؤلاء في الرواية ذكر أطول
والمؤلف إذ يتحدث عن عواطف الزوجين الحبيبين وهما يقطعان الصحراء الموحشة إلى مكة في الغلس الرهيب، وبين غضبات الطبيعة، وإذ يذكران صباهما في وادي القرى، وإذ يختلفان في الميل: عمرو يريد العراق، وهند لا تريده، وإذ يشقيان بعد بالنوى والوجد. . . المؤلف إذ يتحدث عن هذا كله يأتي بالمعجب المطرب، فما ينفك قارئه بين رقة تراوحه وتغاديه، وفتنة تلقاه من كل جانب. . .