للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديثه عن الحسين الطفل، ومنزلته لدى جده العطوف، وعن الرباب زوجة الحسين الوفية، وعن شديد حب الناس للحسين شعور دافق وبيان فاتن، لولا أن القول عن طفولة الحسين تكرر كثيراً فطامن ذلك من بهائه

والعبارات التي أجراها المؤلف على لسان ليلى الكندية في حض عمر على المضي إلى العراق، تسترق اللب بما حوت من عاطفة وحصافة ودقة

فأما الصفحات التي ألم فيها بعواطف النبي نحو ابنته فاطمة وأطلعنا فيها على الحسين في البقيع حيال قبري أمه وأخيه، وفي وادي العقيق حيال قبر (حمزة)، وحين يسأل الله للطيور الأمن والسكينة. . . هذه الصفحات هي من أحفل صفحات الرواية بالجمال والشعر

وأما وصف المعركة التي استشهد فيها الحسين وذووه وهم بين شيخ فان وامرأة ضعيفة وصبي لا يريش ولا يبري فوصف بارع جلى فيه الكاتب أحسن جلاء صبر الحسين وشجاعته وإيمانه ونبالته، وفصل القول في ما أبدى أهله وأصحابه من النصر له والموت بين يديه في إخلاص عبقري

وقصة موت يزيد بن معاوية قصة هي الأخرى مشجية وبارعة

وفي الرواية لفتات تعجب القومية العربية، فالمؤلف يشير إلى أن الدماء التي أريقت في صدر الإسلام (أريقت في سبيل عروبة الشام والعراق)، و (رفات عبد الله بن جعفر طوتها قيعان كتب قومه على حجارتها قصة الحرية في الشام)، وهذه الدنيا العربية ستجدد شبابها كلما فتحت عينيها على نور ذلك اليتيم المقدس)

ولكننا نلاحظ أن المعاني الفرنجية تدسست إلى الرواية، فهند مثلاً تذكر أن على حواشي الأحراج وأطرافها أشجاراً كبيرة كتبت هي وحبيبها على لحاءها قصة القلب!! وهي تحزن فتمرض فتسعل دماً!! كما يقع تماماً للأوربيات في كثير من القصص الحديث

وكثرة الاستعارات في الرواية تسترعي الانتباه. وقد احب الكاتب ألفاظاً وعبارات بعينها فما تكاد صفحة تخلو منها؛ نذكر منها: العرف، والينبوع، والنشيج، وألمانع، والعمر الجني الطري، والتيه الراعب، والنهر الهادر، والنفوس الحادبة، ويميد، ويفيح، ويلذ، ويتدفق، ويرف، ويهدر، ويدغدغ، ويهدهد. . . هذه الكلمات تتكرر على نحو ممل، مع أن العربية لغة المترادفات. والمؤلف يميل إلى استعمال صيغ المبالغة؛ فالعين سحور، والسيل جراف،

<<  <  ج:
ص:  >  >>