وإذن يخطئ من يجاري القدماء في نقد كل بيت من القصيدة على حدة، وإنما الرأي أن تكون أبيات القصيدة كمسامير السفينة، مسامير السفينة تختلف باختلاف مواطن الرباط والوثاق
ولو نظر القدماء هذه النظرة لأعفونا من أبحاث كان فيها نقد الشعر قائماً على وحدة البيت لا وحدة القصيدة، فكان مثلهم مثل من يعيب الغابة الشجراء، لأنه عثر فيها على شُجَيرة عجفاء
قصة أدبية
وهذا الكلام ساقته قصة أدبية تلخصها الأسطر الآتية:
بدا لي أن أقرأ (قصيدة مصر الجديدة) على الدكتور طه حسين، فاعتذر بالسفر إلى فلسطين. وأردت عرضها على الأستاذ خليل مطران فحدد موعداً، ولكني تخلفت عن الموعد ساعة وبضع دقائق، فانصرف قبل أن يلقاني مع الأسف، فقد كنت أرجو أن أنتفع بنقده الدقيق. وعند خروجي من مكتب الأستاذ خليل مطران لقيت الأستاذ محمد هاشم عطية فدعوته لسماع القصيدة عساه يعطي رأياً في تنقيح بعض الأبيات؛ ثم كان رأيه أن هذه القصيدة يفسدها التنقيح، فعرفت من جديد أنه ذلك الأديب الفنان
ما هذا الكلام؟ أترونني أعتذر عما سيقع في قصيدتي من ضعف كما اعتذر ابن الرومي؟
هيهات ثم هيهات! فقصيدتي هي القصيدة، ولن يستطيع شاعر أن يجاريني في أي ميدان؟
راية الشعر يحملها المصريون، ولن تنزع هذه الراية من أيدينا، ولو سهر ليل الإخوان الأعزاء في سائر الأقطار العربية
قد تقولون: ما هذا الغرور؟ وما هذا الادعاء؟
وأقول إني سألقى عليكم قصيدة تلقف ما تأفكون، وسأقهركم على الإيمان بعبقرية مصر الشعرية في هذا الزمان