للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول من المصريين في مجتمعاتنا وأنديتنا الأدبية بمهارة لا يشركهم فيها غيرهم، ولباقة لا يدانيهم فيها سواهم، من أثر لا يمحى، ولا زال واضح الصبغة، مشرق اللون في بعض أدبائنا على الخصوص، وفي أدبنا على العموم وفهمنا

للأدب ومعناه، وللعلم وجدواه، لا يعود الفضل فيها إلا إلى الأساتذة المصريين الذين تولوا تربيتنا وتثقيفنا بصفة مباشرة، أو غير مباشرة.

فنحن مدينون لهم بالفضل، ومقرون لهم بالجميل، فلولاهم، ومن يدري، لظللنا إلى الآن نسبح في ظلامين دامسين من جهلنا ولوننا: ظلام جهلنا الذي لا زال يبدده هذا الصبح الواضح لذي عينين، صبح العلم والمعرفة؛ ونسأل الله أن يأتي على بقاياه في زمن قريب. أما ظلام ألواننا، فهو آية من آيات الله الشاهدة فينا بقدرته وإعجازه، لأن الصبح بدل أن يجلوه يزيده إظلاماً!

إذ أضفت، إلى ما تقدم شغف شبابنا المثقف بما تخرجه الصحف، وتطلع به الكتب كل يوم من روائع الأدب المصري على أنواعه في الأغراض، وألوانه في الأساليب، أدركت في يسر سر انطباع أدبائنا على هذه الأنواع في الأغراض والألوان في الأساليب، لأن مثل هذا السحر في البيان العربي الممتاز مما لا يقوى على رده ومقاومته الأدباء الراسخون في الأدب وصنعة البيان، فكيف بمن هم حديثو عهد بالأدب ومزاولة الكتابة؟ ولأدركت في يسر كذلك أن هذه الثمرة من تلك الشجرة، ولتنبأت لنهضتنا الأدبية المباركة هذه بعاقبة تصير الهلال قمراً، والفجر صبحاً، والليل نهاراً. أو لم تسر النهضة الأدبية المصرية في بدايتها على مثل هذه الدرجات من التقدم حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من مكان ملحوظ ومجد باهر في عالم الأدب؟ فكذلك سيكون شأننا نحن في المستقبل القريب إن شاء الله.

ويتجلى لك بوضوح تام شغف شبابنا المتأدب بالأدب المصري المعاصر في تأثر بعضهم بأساليب بعض أئمة البيان هناك تأثراً تنم عليه أساليبهم وتفضحه ألسنتهم مفتخرة! فمنهم من يقلد الدكتور هيكل، ومنهم من يحاكي الدكتور طه، والأستاذ الزيات، والأستاذ المازني، ويشغف بأدب هؤلاء وغيرهم، حتى لا يجد غضاضة أن يفخر على غيره بأنه يملك القدرة التي تمكنه من تقليد أسلوب أحد المذكورين أو غيره في ما يكتب للصحف والمجلات. ولو

<<  <  ج:
ص:  >  >>