للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سكت - عفا الله عنه - لدل من نفسه الفرع على أصله من غير تنبيه أو لفت نظر! على أن هذا ليس فيه لفاخر فضل، بقدر ما فيه من عيب واضح، وضلال فاضح.

ولا أنسى بجانب هذا أن أذكر أن لنا أدباء بالمعنى الصحيح، وأن لهؤلاء الأدباء أقداماً راسخة في الأدب على ألوانه وأوضاعه، وأنهم قد أوتوا من حسن البيان وسحره، وقوة التعبير وفصاحة الأسلوب وخلوصه من الشوائب قدراً يخلوهم الوقوف مع كبار أدباء العربية في العالم العربي، وإن آثارهم التي تطالعنا بها صحفنا المحلية كل يوم، أو الكتب التي أخرجوها للناس - وهي قليلة - من بضع سنين إلى اليوم، تشهد بهذه الحقيقة الواقعة، وتشهد فوق ذلك بأنهم لا يقلدون غيرهم، ولا يتأثرون سواهم في أسلوب أو تعبير أو فكرة، إلا إذا جاء ذلك عن غير قصد، لأنهم يريدون لأدبهم حياة، ولأمتهم بقاء ومكاناً ملحوظاً تحت الشمس، ولا يتأتى لهم ذلك، إلا إذا كانوا كذلك، والفضل في ذلك راجع إلى حسن توجيه الأدب المصري ورسمه لنا الطريق التي يجب على أدبائنا سلوكها كي تكون نهضتنا الأدبية نهضة بالمعنى الصحيح لقيامها على أمتن الدعائم، وأقوى الأسس التي يشاد عليها بناء نهضة أدبية لأمة متيقظة طامحة إلى المجد متطلعة إلى العلاء.

وبعد، فإن الأثر الأدبي المصري في الأدب السوداني المعاصر أثر واضح لا ينكر أو يخفي على ذي بصيرة وبصر للأسباب المذكورة آنفاً، وهي أسباب قوية حرية أن توجهنا توجيهاً رشيداً نحو العلم والأدب إن أحسنا الاسترشاد بها والتهدي بهديها، ولكن لابد للطفل من أن يقلد أباه بادئ ذي بدء حتى يكبر فيرسم لنفسه طريقاً في الحياة ليسير عليه، ولعلنا نجتاز الآن - في ثبات وهدى من أبصارنا وبصائرنا - هذه المرحلة

(السودان: الجزيرة أبا)

بشري السيد أمين

<<  <  ج:
ص:  >  >>