فشمعة بدرهم قد تحرق موسكو حقاً، وإن لم تكن أحرقتها في حرب نابليون
ومن أبرع أمثالهم قولهم:(يولد الإنسان ليموت، ولكنه يموت ليحيا)
ومنها في فضل الوقاية:(يخاف الهواء الأصفر ممن يخافه) ومنها في المساواة والفوارق بين الناس: (عيوننا تملأها شمس واحدة، وبطوننا لا يملأها طعام واحد) ومنها: (من سكن بجوار المقابر لم يحزن على كل فقيد) ومنها: (راقب الجدي من أمام، وراقب الحصان من وراء، وراقب الشرير من كل جانب) ومنها في رشوة الحكام: (من باب الطريق صد ومن باب السر ترحيب)
وعلى الجملة يندر أن نعرف الروس من كتاب واحد كما نعرفهم من هذا الكتاب الذي جمع لنا المئات من أمثالهم المنتقاة
ونعتقد أن هذا هر شأن الأمثال في كل أمة وفي كل طبقة وفي كل جيل، وربما أغنتنا ثلاثة أمثال أو أربعة عن قراءة سفر مطول في أخلاق بعض الأمم خلال فترة من الفترات
فأي كتاب يدلنا على أخلاق المصريين في القرن الماضي كما يدلنا عليها مثلهم القائل:(أردب ما هو لك لا تحضر كيلة، تتعفر دقنك وتتعب في شيله) أو مثلهم القائل: (اللي يجوز أمي أقول له يا عمي) أو مثلهم القائل: (إن عبدوا تور حش وارمي له) وما شابه هذه الأمثال
فثلاثة أمثال من هذا القبيل تلخص لنا تاريخ الاستبداد في ذلك القرن وما أحدثه في مصر من التفكك واجتناب التعاون ومداراة الظلم والإذعان لكل آمر والعجز عن كل مقاومة
ومئات منتقاة من هذه الأمثال في شتى المعارض تجمع لنا من الأخلاق القومية والدلائل التاريخية ما يتفرق في كتب مختلفات تتكلم عن الأخلاق ولكنها لا تعرض لنا تلك الأخلاق عرضاً مجسماً كما تعرضها الأمثال
ولا يفوتنا هنا أن نلاحظ قلة التمثل بالأمثال في هذه الأيام سواء بين المصريين أو بين الأمم الأخرى
فأبناء العصر الحاضر لا يحفظون أمثال أمتهم ولا يكررون ما يحفظونه منها، وليس هذا بعجيب إذا نظرنا إلى الخلق الغالب بين أكثر المحدثين