فقل في أبناء عصرنا من يقتدي بالسلف أو يحب أن يقال عنه أنه ممن يقتدي بهم في المعيشة والسلوك. ولا معنى لسرد الأمثال ما لم يكن ديدن السلف حجة مقبولة بين القائلين والسامعين
إنما الخلق الغالب في عصرنا أن يباهي الرجل في يومه بمخالفة أمسه، وأن يجري في كل حين على بدعة لم يسبقه فيها سابق قبل حينه، وأن يتهالك على الجديد ولو لم تكن له مزية غير الجدة العابرة. وهذه حالة من الحالات النفسية لا توائمها متابعة الأمثال، أو تحريها في الأقوال والأعمال؛ بل هي تستدعي كلاماً يناقض المثل في لبابه ومرماه، وهو الارتجال المقتضب الذي لا يتعدى ساعته إلى ما وراءها، ولا يصلح للتكرار والاستشهاد
ولهذا تسنح الفرصة اليوم للحرص على ذخائر الأمثال، والاستزادة من مجموعاتها التي يخاف عليها النسيان والإهمال؛ فإنها لموصولة يوماً لا محالة، وإن طال عهد الانقطاع والارتجال.