للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- ذات فائدة عظمى للجيل العربي الجديد من القراء، ومكنتهم من الحصول على مادة لم يكن الحصول عليها ممكناً من غير ذلك المصدر. وفي آخر الأمر، عندما أنشئت المطابع في الشرق وبدئ بطبع الكتب محلياً، كانت الكتب تطبع وفق النصوص العربية، وبذلك قام المستشرقون بدور مهم في إعادة ثقافة العرب إليهم، وقضوا دين عرب القرون الوسطى الذين نقلوا كتب الإغريق إلى الغرب

وليس في وسعنا في هذا المجال أكثر من أن نذكر بعض الشخصيات البارزة من بين المشتغلين بالعربية من الإنكليز. ونقتصر على أشخاص مثل (ج. هـ. هندلي) وهو أحد العلماء البارعين في الفارسية والعربية، ومن جملة مؤلفاته ترجمة ودراسة - في الإنجليزية - عن الشاعر العربي أبي الطيب المتنبي. و (م. لمسدن) الذي كان أستاذ اللغتين العربية والفارسية في كلية (قلعة وليم) في الهند. وقد ألف أجرومية عربية كانت كثيرة التداول في القرن التاسع عشر في أوربا والهند كليهما. ومما يجب ذكره أن أولى المحاولات الإنجليزية لتنظيم التعليم في الهند كانت تشمل اشتراط دراسة اللغة العربية من مسلمي الهند، وكان (لمسدن) أحد الإنكليز الكثيرين الذين ساعدوا على إنجاز هذا الأمر، وكان في كلية (قلعة وليم) - وهي أولى الكليات الإنجليزية في الهند - كرسيان للغتين العربية والفارسية.

وكان أعظم الشخصيات الإنجليزية - بل الأوربية أيضاَ - بلا مراء في مطلع القرن التاسع عشر هو المستر إدورد وليم لين (١٨٠١ - ١٨٧٦).

اهتم (لين) مزيد الاهتمام بالدراسات الاستشراقية منذ فجر شبابه وعلى الأخص بمصر، وسافر في يوليه سنة ١٨٢٥ إلى الإسكندرية في زيارته الأولى لمصر، وكان السفر في البحر الأبيض المتوسط وقتئذ لا يزال كبير الخطر، ولم تخل رحلته تلك من مخاطر، فقد أصاب السفينة إعصار، وعجز قائدها عن إدارة دفتها، ولم يكن على ظهرها من يحسن القيادة، وبالرغم من أن (لين) لم يركب سفينة قط في حياته، فإنه أخذ الدفة بيده، واستطاع أن ينقذ السفينة من التحطيم بفضل معلوماته الرياضية. وحدث بعد ذلك أيضاً أن قامت في السفينة ثورة كادت تودي بحياته. وبعد سفر شهرين وصل (لين) إلى مصر حيث بقى إلى خريف سنة ١٨٢٨ وقضى معظم الوقت في القاهرة. ومع أن رغبته الأصيلة كانت دراسة المصريين القدماء، فإنه سرعان ما وجد أحفادهم المحدثين أحق منهم بالدراسة بكثير، فشرع

<<  <  ج:
ص:  >  >>