راكباً في جمع من رجاله. فقام أحد الخادمين احتراماً للقادم العظيم؛ فصاح القادم غاضباً: أيهما أحق بالاحترام: الخبز أم أنا؟ ثم أشار بيده إلى المذنب إشارة معلومة دون أن ينتظر منه جواباً، فضرب عنقه في الحال
يراعي المسلمون المصريون من الطبقتين العليا والوسطى النظافة بدقة. وتعتبر الطبقة الدنيا في مصر أكثر اعتناء بالنظافة من غيرها في أغلب البلدان الأخرى. ولعل المسلمين ما كانوا يهتمون بالنظافة إلى هذه الدرجة لو لم يأمر بها الدين. ويبدو مما سبق ذكره في الفصل الثاني من هذا الكتاب أن الواجب ألا نحكم على المسلمين، نظراً لنظافتهم، من تركهم أطفالهم في حالة قذرة. ولا شك أن الوضوء أمر حكيم؛ فالصحة لا تكون في البلاد الحارة إلا بالنظافة. ويحرص المصريون حرصاً خاصاً على تجنب كل ما قرر الدين قذارته ونجاسته؛ فيمتنع المسلمون عن شرب النبيذ لعدة أسباب أحدها أنه نجس. وأعتقد أنه يندر حمل مسلم على تناول قطعة من لحم الخنزير. وقد تحدثت مرة مع مسلم في موضوع الخنزير فقال إن الفرنج شعب يفتري الناس عليه كثيراً؛ فلا شك أن المعروف عنهم أنهم يأكلون الخنزير، ولكن بعض المفترين هنا يؤكدون أنهم لا يأكلون لحم هذا الحيوان النجس فحسب، بل يأكلون جلده وأحشاءه والدم ذاته أيضاَ. فلما اعترفت له بصدق التهمة انفجر يلعن الكفار ويدعو عليهم بالدرك الأسفل من النار
يدين أكثر القصابين الذين يبيعون اللحم إلى أهل القاهرة المسلمين باليهودية. وقد اشتكى منذ سنوات مضت أحد العلماء الكبار إلى الباشا من هذا الأمر والتمس وقفه. وسمع بذلك عالم آخر فتبعه وألح أمام الباشا في أن هذا العمل لا يخالف الشرع. فقال المشتكي: قدم دليلك. فأجاب الآخر: دليلي قوله تعالى: (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه). فاستدعى حينئذ رئيس القصابين اليهود وسأله هل يقول شيئاً قبل ذبح الحيوان؟ فأجاب: نعم. نحن نقول دائماً مثل المسلمين: باسم الله الله أكبر. ولا نذبح الحيوان إلا بحز نحره. فصرف المشتكي حينئذ
ذهب رجل منذ أيام قليلة إلى خباز ليشتري فطيرة، فرآه يسحب من الفرن طبقاً به لحم خنزير كان يشويه لإفرنجي، فاستدعى الرجل في الحال شرطياً من أقرب قسم لأنه يعتقد أن من الممكن أن تكون الأشياء الأخرى لامست اللحم النجس فتلوثت. وألزم الشرطي قيادة