للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مضى ما مضى، هل يرجعُ الدهرُ ما مضى؟ ... وهل تتقون الحبَّ أو سالف العهدِ؟

معاهد في (مصرَ الجديدة) أصبحتْ ... رسوماً من الأشجان أحرسها وحدي

أنسري معاً فيها كما كان عهدنا ... وعهدُ الهوى أشهى مذاقاً من الشهد؟

أنقرأُها حرفاً فحرفاً كأنها ... رسائلُ من ليلى المريضة أو هند؟

تعالَوا نُعدْ ليلاتِها الغُرَّ حسبةً ... لحبٍ قبضتمْ روحه وهو في المهد

تعالوْا تعالوْا قبل أن يُمسيَ الهوى ... تواريخَ لا تُغني المحبَّ ولا تُجدي

تعالوْا. . . فلن ألَقى سَناً مثلَ نوركم ... ولن تستطيبوا جَنةٍ الحبِّ من بعدي!

تعالوْا. . . ففي (مصرَ الجديدةِ) ما بها ... منَّ النرجس النعسان والفُلِّ والوردِ. . .

مَثابةُ أحلامي ومهوى مآربي ... ومنسكُ روحي في الملامةِ والحمد

إذا جُلت فيها جولةَ الفتكِ أسلمت ... مفاتحها فيما تُسرُّ وما تُبدي

وإن غبت عنها بعض ليلٍ تلفتْت ... تُسائل عن سرِّ القطيعة والصد

شوارعها عند الأصيل مشارعٌ ... لكلِّ محبّ من حبيبٍ على وعدِ

وأنفاسها بالليل كالمسكِ نفحةً ... وظلماؤها كالخال في صفحة الخد

فلا تذكروا نجداً أو الخيف بعدها ... تسامتْ مغانيها عن الخيف أو نجد

ولا تطلبوا نِدّاً لها في جمالها ... فما لجمال الشمس في الكون من ندِّ

أباريسُ أو برلينُ تحوي فُتُونها ... إذا ازدهرت بالحسن كالكوكب السَّعدِ؟

أفي لَنْدَنٍ شِبهٌ لها في صِيالها ... إذا صفّتِ الأرواح جنداً إلى جند؟

تَّجمعَ فيها الحُسن من كلِّ أمةٍ ... كبغدادَ بين العُرب والفُرس والكُرد

ورفَّتْ بها الأنفاس شتَّى غرائباً ... من الورد والريحان والضال والرَّند

هديرُ الأماني في الفؤاد هديرُها ... إذا جَدَّ جِدُّ (السَّبق) بالركض والشَّد

وروَّادها في الصبح والعصر زادُهم ... إذا ما استضافوها فنونٌ من الوجد

تَشابهَ فيها الليل والصبح فاعجبوا ... لصحراء أضحت وهي من جنة الخلد

يجسَّد نور البدر فيها مُفضَّضاً ... فتحسبه درّاً يُساقَطُ من عِقد

بكل مكانٍ أو بكل ثَنيَّةٍ ... بأرجائها سحرٌ يُثار بلا عمد

وما بدرها بدر السموات وحده ... ففيها بُدورٌ قد تجلُّ من العدَّ

<<  <  ج:
ص:  >  >>