ثلاثون عاماً أو تزيد قضيتها ... جواداً ببذل الروح للوطن الفرد
فما نلت حظاً من جداه سوى الذي ... يمنُّ به أهل الوشاية والكيد
أمن أجل هذا عشت ما عشت صابراً ... على وثبات العزم في الزمن الجعد؟
بلادي بلادي، أنت ما أنت؟ إنني ... أجرَّع فيك الصاب ينعت بالشهد
أأنت بلادي أنت؟ صدَّقت، فاصدُقي ... وعودك يوماً للفتى الصادق الوعد
تسابقني فيك الأماني خوادعاً ... كواذب لا تورى بحل ولا عقد
أساهر في ليلي كتابي ولا أرى ... لنفسي حظ الساهرين على النرد
فماذا دها الدنيا وماذا أصابها ... أسفّت فأمست وهي في خسة القرد
إلى من أسوق الشكوَ والدهرُ ما أرى ... تماثلَ فيه شامخ القُور بالوهد
إلى الوطن الجاني شكوت كما شكا ... لديغٌ إلى الصم المؤرَّقة الرُّبد
أمثليَ يؤذي بالعقوق ولم يكن ... له غير حفظ العهد في الحب من وكد؟
بلادي، وما هانت عليَّ مواطن ... أبي كان منها في الذؤابة أو جدي
أيشقى الثرى بالماء حتى يعودَه ... أطباء علامون بالجزر والمدّ
وأظمأ وحدي فيك والنيل ثائرٌ ... يروز الجسور الشمَّ بالمزق والقدّ
بلادي، أمن جرم جنيت تحولت ... حياتي إلى وجه من العيش مرمدّ
لئن كان لي ذنب فذاك تولُّهي ... بشرح الذي زُوِّدت في الدهر من مجد
ستمضي الليالي ثم تمضي ولا يرى ... جمالك أقوى من غرامي ولا وجدي
بلادي، أكان الحب نوراً تطاولت ... عليه غيوم من عقوق ومن جحد
توحدت مقهوراً فما لي أخوةٌ ... ولا صحبة يقوى برفقتهم زندي
توحدت لا خِلٌّ أبثُّ شكايتي ... إليه ولا حبٌّ يؤرقه سهدي
إذا آدني الدهر اللئيم بجفوة ... تحوَّل أهلوه إلى عصبة لُدِّ
توحدت؟ لا، فالأسد يؤنسها الأسى ... بوحشتها في ظلمة الكثُب الجُردِ
ليصنع زماني ما أراد فلن يرى ... سوى ساعد يلقاه بالبأس مستدّ
بناني الذي يبني الجبال شواهقاً ... وليس لحصنٍ شاده الله من هَدّ
فما بال أقوامٍ تهاوت حلومهم ... يعادون بَنّاء الجبال بلا عند