للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أمرُّ بها ظمآن والجوُّ قائظٌ ... فأسمع همساً من وعيد ومن وعد

تلوِّح بالإشفاق عينٌ مريبةٌ ... لها ما لهذا الدهر من خاتل الكيد

وهل يعرف الحيران ضل طريقه ... بنحس رمى التلويح بالرفق أم سعد

أرى بيتكم مني قريباً وتارة ... أراه وأدني منه أبنية السند

على قدر ما نلقي من الوصل والجفا ... يقدر ما نلقى من القرب والبعد

أذلك بيت أم كناس يهابه ... ويرهب غزلاناً به أفتك الأسد

فأيان أيان السلامة منكمُ ... وليس لطغيان الملاحة من صد

أعوذ بربِّ الجنِّ منكم وإنني ... لأعلم أن لا عوذ من سَورة الوجد

شفى وكفى أني مُحِبٌّ محسَّدٌ ... يساق إليه الإفك في صورة النقد

قضى حبكم أن أجرع اللوم طائعاً ... وأن أحسب التهيام فنّاً من المجد

إذا صرت في غي الهوى ورشاده ... إماماً فقد تمت أياديكم عندي

أجيبوا: أكان الحب حلماً تبددتْ ... أشعته عند الآفاق من الرَّقدِ؟

أكان صفاكم لمحةً جاد بارقٌ ... بلألائها في الليل يُفجَع بالرعد؟

سأنساكمُ يوماً وللقلب رجعةٌ ... على جهله للراجحات من الجد

سأنسى هُيامي ثم سأنسى غوايتي ... وكلُّ ضرام في الغرام إلى خمد

أجيبوا فلي رأيٌ يقرُّ إلى مدىً ... قرار الجراز العضب في سُدف الغمد

أأنتم رضيتم أن تصير حياتُنا ... أفانينَ من نسك يكفنُ في زهد؟

لكم ما أردتم، فاذهبوا ثمةَ اذهبوا ... إلى الوهد من وادي الخمود أو النجد

ولي ما أراد الحبُّ والحبُّ حاكم ... نرى جوره فينا أبرَّ من القصد

بلادةُ أقوام تُعَدُّ رزانةً ... بكل زمانٍ عن هدَى الحب مرتدِّ

جمال التماثيل الحسان جمالكم ... وليس لغادات التماثيل من رفد

فحتامَ حتامَ الوفاءُ لصبوةٍ ... رددتم إليها سؤلها أقبح الردِّ

أحبايَ ضاقت بي بلادي وآدني ... زماني فأولاني من الكرب ما يُردي

إذا قلت أيام الشقاء إلى مدىً ... تعاقبنَ بالأنواء والبرق والرعد

وإن ظمئت روحي إلى الصفو صدّني ... عن الصفو أقوامٌ جبلنَ على الحقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>