أحبُّكم حبّاً أحرَّ من الوغى ... تؤجج في سهل إلى الموت ممتد
أحبُّكم طوعاً وكرهاً وإنني ... لأخشى الذي تخشون من ذلك الإد
برغم الذي ألقاه من جور حكمكم ... ألوذ بكم عند الخصام واستعدي
ملاعب من لهو أثيم تمرَّدتْ ... فأمست كأقسى ما يكون من الجد
أروني باباً للنجاة أروده ... فقد ضقت ذرعاً بالضلالة في الرَّود
وكيف نجاتي كيف؟ هيهات فالذي ... سقيتم به روحي سيسرع في هدِّي
دعاني الهوى ماذا أراد بي الهوى ... لقد حدّ من عزمي وقد فل من حدي
إذا رُمت أسباب المتاب تعرضت ... نسائم رياكم فأقلعت عن هَودي
أأنتم نسيتم كيف كنا ولم نَدَع ... مآربَ من قبل تراد ولا بعد؟
غرامي بكم كان الغرامَ ومحنتي ... بكم صيرتني في الأسى أُمّة وحدي
سلوا الليل في مصرَ الجديدة هل رأى ... على عهده بالحب أصدق من عهدي
وهل أبصر البدر المنير بأرضها ... أصحَّ أديماً من ضلالي ومن رشدي
وهل عرفت ظلماؤها في سهوبها ... أحبَّ إليها من هيامي ومن سهدي
لقد كنت ألقاها وللشمس ميلةٌ ... إلى الغرب تستهدى النعاس وتستجدي
فأملأها وحياً وشعراً وصبوةً ... إلى أن تفيق الشمس من نومةِ الخود
أتلك ليالٍ لا تعود ولم أزل ... بحمد الهوى في صوْلة الأسد الورد
جهلتك إذا كنتم تظنون مهجتي ... سَتَجنْحُ يوماً للسلام وللبَرْد
هواي هو الجمر الذي تعرفونه ... وللجمر سلطان على الحجر الصَّلْد
سأرزأكم بالهجر والصد فارقبوا ... بلايا تُغاديكم من الهجر والصدّ
أكان غرامي غرّكم فظننْتُم ... بأن ليس للإسراف في الحب من حد
هو القول ما قلتم فإن صبابتي ... ستبلغ ما لا يبلغ الجمر من وقد
سنون تقضت في اضطرام وحبنا ... يصاول بالعذْل المحمل بالنَّأد
فهل أفلحَ العذّال يوماً وفيهمُ ... وفيون يؤذيهم خباليَ في سهدي
مساويكم تبدو لقلبي محاسناً ... فواتنَ تُجزَي بالثناء وبالحمد
فمن أيِّ وادٍ للفُتون تفجرت ... ينابيع هذا الحسن مرهوبة الوردِ