للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطريقة الأوروبية من بين المادة المشوشة التي كانت تحت يديه. ولم يكن العمل - حتى تاريخ وفاته في سنة ١٨٧٦ - قد أنجز، غير أن الأجزاء العديدة التي كان قد نشرها تشكل جزءاً ثميناً من الدراسة الشرقية، وهو يعتبر بصورة عامة جزءاً لا يمكن الاستغناء عنه من المؤونة التي يتزود بها طالبو العربية الجدد. ومنذ ذلك الحين حتى اليوم بقي معجم (لين) الأول من نوعه كما أنه كان الأساس لمعظم القواميس العربية المتأخرة باللغات الأوربية.

وقد ظل (لين) طيلة حياته (أستاذ الدراسات العربية العظيم) كما نعته بذلك أحد العلماء المشتغلين بالعربية من الألمان، وقدرته الجمعيات الثقافية في عدة عواصم أوربية.

أما (إدوارد هنري بالمر) - وهو أحد العلماء الإنجليز المعروفين في القرن التاسع عشر - فربما كان أكثر اشتهاراً في الشرق باسم (الشيخ عبد الله). وقد ولد في كامبردج في سنة ١٨٤٠ وتوفي في مصر سنة ١٨٨٢ وهي السنة التي قامت فيها ثورة عرابي باشا. وأظهر منذ طفولته قدرة كبيرة على تعلم اللغات فأجاد الفرنسية والإيطالية بطلاقة. ولما بلغ العشرين من عمره تعرف إلى شخص يدعى (سيد عبد الله) وهو أحد المسلمين الهنود، وكان حينذاك محاضراً باللغة الهندستانية في جامعة كامبردج، واكتسب منه الاهتمام بالدراسات الشرقية؛ فقام بنشاطه المعهود بدراسة اللغات العربية والفارسية والأردية في آن واحد، ولم يمض عليه زمن طويل حتى شرع ينقل الشعر الإنجليزي إلى (لغته العربية المفضلة) وينظم بالفعل شعراً عربياً أصيلاً. وبعد ذلك مبشرة قرر أن خير طريق لتعلم اللغة العربية هو أن يتعلمها من العرب أنفسهم، فنراه يتصل بصلة قريبة بأعضاء عديدين من الجالية العربية في إنجلترا - وكان أحدهم وهو سوري من حلب يدعى (رزق الله حسون الحلبي) الذي أصبح صديقه المقرب، والذي كان له تأثير في مؤلفات بالمر وخلقه، فدرسه دروساً كثيرة، وكان بالمر يحترمه كثيراً - وبعد ذلك بقليل دخل (بالمر) جامعة كامبردج وواصل دراساته الشرقية بصورة أكثر تنظيماً، وكان يطمح منذ زمن بعيد أن يزور بلاد العرب ويتعرف شخصياً تلك الأمة التي كان يعجب كثيراً بلغتها وآدابها. وفي سنة ١٨٦٩ أتيحت لفه تلك الفرصة؛ ففي تلك السنة والسنة التي تلتها، قام (بالمر) برحلتين إلى الشرق الأدنى، بالنيابة عن (جمعية كشف فلسطين)؛ وبذلك أتيحت له الفرصة الأولى

<<  <  ج:
ص:  >  >>