يقول التشخيص وهو يريد التمثيل. وكأن يذكر في القانون الجنائي أشياء لا يعرفها قضاة هذا الزمان
التأريخ المقصود
وقد يقصد المويلحي إلى تأريخ بعض تطورات المجتمع في الزمن الذي سبق تأليف الكتاب، كأن ينص على (سر الليل)، فمن هذا (السر) نفهم أن القاهرة كانت تغلق أبوابها بالليل فلا يدخلها أحد إلا بإشارة يفهم منها الشرطة أنه في غنى عن الاستئذان
وهنالك تأريخ معاني النقد، كأن ينطق (الباشا) بعبارات ندرك منها أن النزعة التركية كان لها في زمانه مكان.
ففي ص ٢٤ يعجب الباشا من أن لا يكون لأمير على مصري أمر. وفي ص ٢٧ ينكر الباشا (أن يحكم الناس فلاح وينوب عنها حراث). وفي ص ٤٣ يعجب الباشا من أن (يتعدى المصري على الجندي). وفي ص ٤٨ يصرح الباشا بأنه
عاش دهوره لا يعرف أن السجن يكون في عقاب الكبراء والأمراء، وإنما يكون في عقاب السفلة من العامة والغوغاء من الناس!
ثم ينفجر المؤلف في ص٧٢ فيقول في الأتراك كلاما لا يقال اليوم، لأن هذه النزعة قد اختفت أو ماتت،
بغض النظر عن الحادث الذي وقع منذ بضع سنين
النقد المقصود
يجري قلم المؤلف بعبارات نقدية خفيفة من صفحة إلى صفحات، ثم يعمد إلى النقد عمدا فيسهب ويطيل. ولعل المحامين والقضاة والأعيان لم يصابوا في سمعتهم بأذى ولا أوجع مما رماهم به المويلحي في غرامة نادرة المثال
هل كان المجتمع المصري قبل خمسين سنة على النحو ما صوره ذلك القلم الفاتك؟ وهل كان يغلب أن يكون القضاة من الفتيان الأماليد؟ وهل كانت المحاماة نصباً في نصب وخداعاً في خداع؟ وهل كان (العمدة) الذي تعقبه المويلحي نموذجا في ذلك الزمان؟