هي جريمة المويلحي في تصوير المجتمع المصري، فقد أهتم بتجسيم العيوب تجسيما بلغ الغاية في القسوة والعنف، وسكت عما في المجتمع المصري من محاسن أصيلة هي سر بقائه في صحة وعافية، برغم ما أصاب هذه البلاد من كوارث وخطوب
وعذر المويلحي أن نقاد المجتمع لعهده كانوا جميعا متشائمين، ولو شئت لقلت أنهم كانوا يجدون لذة في التذمر والتقزز والتفجع، ولهذا الاتجاه شواهد نجدها في كتابات توفيق البكري، وفي قصائد حافظ ابراهيم، وفي تلك البيئة ظهر المنفلوطي
فكان أدبه من صور القلق والانزعاج
وما أقول بأن أمثال هؤلاء الكتاب يفترون على المجتمع، لا، فقد صوروا بيئات موجودة بالفعل؛ وقد لا تنقرض، فلن تخلو الدنيا من محام نصاب، أو قاض كسلان، أو تاجر غشاش؛ وانما أنكر التعميم في الأحكام النقدية، التعميم الذي يضم المجتمع في جميع طبقاته بالتفكك والانحلال، مع أنه في الحقيقة لا يخلو من تماسك يضمن له البقاء
وانما عددت هذا المذهب جريمة أدبية لأنه ينتهي إلى التعجيز والتيئيس، ولأن أثره في تقويم المجتمع أثر ضئيل
يضاف إلى ذلك، أصحاب هذا المذهب لا يضعون النماذج للمجتمع المنشود، وان فعلوا فلن يكون المجتمع الصالح في نظرهم إلا بيئة خيالية لا يعرفها سكان الكرة الأرضية
سريرة المويلحي
حديث عيسى بن هشام يشهد شهادة صريحة بأن المويلحي قد ارتطم في حياته بمشكلات ومعضلات خلقتها معاملاته مع الناس. والظاهر أنه عرف المحاكم المصرية من مختلطة وأهلية وشرعية، عرفها مدعيا ومدعى علية. والظاهر أيضا
أنه أبتلى بمزعجات الأوقاف. ولا جدال في أنه عانى الغدر من بعض الأصدقاء، فله في الأصدقاء كلمات سارت مسير الأمثال. ويظهر كذلك أنه أتصل اتصالا وثيقا بالملاعب القاهرية في مكايدها الليلية، ثم يظهر أنه بادل الصحفيين من معاصريه ظلما بظلم، وعدوانا بعدوان
أقل هذا لأدفع تهمة وجهت إلى المويلحي من أديب عظيم هو أخونا الأستاذ الزيات الذي