للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليس لنا أن نيأس من قرب الزمن الذي يتمكن فيه الفكر الفلسفي من نفوس الأزهريين، على رغم أننا نعرف أن ممن يشرفون على التوجيه العلمي في الأزهر من يحاول أن يفهم أن الفلسفة مادة، وأنها يجب أن تخضع في بحوثها إلى المنقول أو إلى التقاليد، أو على الأقل يجب أن تؤمن في بحوثها الميتافيزيكية بسلطان بعض المؤلفين في العقيدة، لهم صبغتهم الحزبية في كتبهم المذهبية - لأنه من الشيوخ المحبب إلى نفوسهم ترديد معارف الماضي فحسب، والوقوف في دائرتها دون مجاوزتها إلى الحاضر، بل من هؤلاء الذين لا يزالون شديدي النفرة من اسم الحاضر، ومعارف الحاضر، ورجال الحاضر - ليس لنا أن نيأس لأنه يوجد في الصف الأول في قيادة التفكير الأزهري أمثال: المراغي وعبد المجيد سليم وشلتوت. . . ثم من ورائهم الشبان الأزهريون

حقاً، فيه رغبة قوية من الشبان الأزهريين في تعرف محمد عبده ومشايخ محمد عبده وتلاميذ محمد عبده ممن تتكون منهم المدرسة الجديدة في الإصلاح الديني والتفكير العلمي، ولكن مع ذلك، ليس من السهل أن تلقى عليهم أفكار محمد عبده، أو جمال الدين الأفغاني، أو أمثال الزنكلوني، قبل أن نهيئ هؤلاء الشبان ونزيل من نفوسهم، أو على الأقل نضعف عندهم ما تكون من عقيدة ضد محمد عبده، منذ أن درست لهم (السنوسية)، وقرىء عليهم تفسير (الخازن)

من الخير للأزهريين أن تتم معرفتهم بمحمد عبده؛ ومن الخير للشبان الأزهريين - على الخصوص - أن يعلموا من هو محمد عبده كقائد وإمام في الحركات الإصلاحية الدينية والعلمية والقومية، وأن يعلموا من هو محمد عبده في المحافظة على الكرامة الشخصية والكرامة الدينية، وأن يعلموا من هو محمد عبده في عزلته إذا اعتزل، وفي تقديره للأفراد والجماعات إذا اتصل واختلط؟

من الخير للإسلام ولمستقبل الدين أن يعرف الأزهريون دينهم كما عرفه محمد عبده، وأن يفهموه عقيدةً ونظرةً في الحياة لا أن يميلوا به إلى حرفة ومهنة لطائفة

ومن الخير للأمة المصرية أن يعرف الأزهريون محمد عبده؛ ومن الخير للدولة المصرية إذا ابتغت انسجاماً داخل الأمة المصرية، أو على الأقل قرباً في التفكير المصري والعقلية المصرية أن تنشئ باسم محمد عبده كرسيّا في الأزهر كما تعمل على إنشائه في جامعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>