ومات عالم آخر في العربية مشهور في السنة التي توفي فيها (لي سترانج) هو (أ. أبيغان) تلميذ (وليم رايت) وكان أكبر همه منصباَ على الشعر العربي القديم. وقد نشر نقائض جرير والفرزدق على عهدته. والنادرة التالية تعطى فكرة عن دقته العظيمة: فقد روى زميله (ا. ج. براون) العالم المعروف بالفارسية أن بيغان زاره يوماَ، وكان شديد الحزن حتى لقد خيل له أن كارثة حاقت به، ولكن حقيقة ما كان قد وقع هو أن (بيغان) اكتشف خللاَ في أحد الأبيات في طبعته للنقائض!
ولا يتسع المجال للكلام عن كثيرين من العلماء في هذا العهد كليال محرر (المفضليات) و (لين - بول) مؤلف عدة من الكتب عن تاريخ الإسلام، وعن المسكوكات، و (امبروز) محرر عدد كبير من النصوص العربية التاريخية المهمة وكثير غيرهم. غير أن هناك عالماَ واحداَ يستحق أكثر من الذكر العارض هو (د. س. مارجليوث) الذي كان أستاذ اللغة العربية في اكسفورد عدة سنين، والذي اعتبر الشخصية الأولى بين علماء العربية من الإنجليز مدة طويلة من الزمن؛ وكان عضواَ في المجمع العلمي العربي في دمشق. بالرغم من أنه نشر عدة دراسات باللغة الإنجليزية ذات قيمة عن التاريخ الإسلامي وعن الدين الإسلامي فأنه سيذكر بالخير لطبعاته العديدة وترجماته لأمهات الأدب العربي، وربما كان خير أولئك طبعته الفائقة لمعجم الأدباء لياقوت. وقد نشر أيضاَ رسائل أبي العلاء، ومحاضرات التنوخي ومختصر ابن مسكوبة
أما أولئك الذين لا يزالون بين ظهرانينا فلن نتكلم عنهم، لأن الكلام سابق لأوانه. وأعمال علماء كنكلسون وجب وستورى وكثيرين غيرهم ممن يخرجون آثاراَ مهمة لن يبت فيها من وجهة النقد إلا الأجيال المقبلة. وفي خلال ذلك يمكن القطع بالقول واثقين أن سيرة الدراسات العربية في إنجلترا - التي سبق أن تكلمنا عن تطورها في خلال العصور السابقة - لا تزال قوية الحيوية. ولعلها تستمر في الازدهار