الدم وصحة تركيبه أناس في حضيض الذل والجهالة. أهي قابلية التناسل؟ كلا! فإن الخيل والحمير تتلاقح وهي من نوعين، والبغال لا تتناسل وهي من نوع واحد، وقد يعيش الرجل والمرأة معاً عيشة الأزواج ولا ينسلان)
فصعوبة التعريف والتفريق لا تنفي وجود الأشياء التي نريد أن نعرفها ونفرق بينها، والوطنية شيء موجود لاشك في وجوده وإن تعددت عناصره حتى تعذر الجمع بينها في وطن واحد
ومن الخطأ أن نناقض بين العالمية لأنهما في الواقع غير متناقضين، وإذا بنيت الدعوة إلى التعاون بين شعوب العالم على أن هذا التعاون يغض من الغيرة الوطنية فمصير تلك الدعوة معروف من الآن، وهو الإخفاق السريع
وإنما الصواب ما قال الفيلسوف الرياضي الكبير حيث رأى أن ضمان النجاح للدعوة العالمية مكفول بالتوفيق بينها وبين مصالح كل أمة تلبي تلك الدعوة وتشترك في المعونة
وهذا الذي نرجو أن يكون وأن يتوافى إليه شعور الأقوياء والضعفاء معاً بعد الحرب الحاضرة
ويبدو لنا أن تعدد الأقوياء سيلجئهم قسراً إلى التعاون بينهم على رعاية حقوق الضعفاء فينفتح من ثم باب التعاون بين هؤلاء وهؤلاء
فليس في الوسع أن يطغي قوي واحد على أنداده الأقوياء، وليس في الوسع أن يتفقوا على قسط متساو من المصلحة المشتركة يمنع التنافس ويحسم النزاع. فلا نغلو بالأمل إذا قلنا إن الطريق الأيسر لهم والأجدى عليهم هو الاتفاق على التعاون بينهم وبين الضعفاء، والتفاهم على معاملة وسطى فيها رعاية للحق ورعاية للمصلحة الجامعة ورعاية لمصلحة الأمم أمة أمة على حدة. فقلما يرجى فلاح لمطلب من مطالب بني الإنسان يبنى على الحق وتنسى فيه المصلحة، أو يبنى على المصلحة وينسى فيه الحق، وآية الرجاء في مصير الدعوة العالمية أن الحاسة الخلقية وأن الوجهة النفعية فيها تتقاربان وتتساندان