للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يضيع

إن هذا اليوم قريب قريب، وسنخلقه خلقاً إن تأبى وامتنع، وسيعلم الذين آمنوا بجهادنا فمنحونا ألقاب الجامعة أن إيمانهم كان الإيمان، وأنهم سلموا راية الجامعة إلى جنود هم الرجال

لقد استضعفنا حيناً أو أحايين، والله قد يمن على الذين استضعفوا فيجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين

ولكن الله على كرمه لا يجود إلا بميزان، ليعلم عباده معنى النظام ومعنى العدل؛ فإن جاز في وهمنا أن الألقاب الجامعية تغني عن الجهاد الموصول في سبيل المجد، فقد ضللنا سواء السبيل

هل تفهمون معنى كلمة (ليسانس) وهي أول درجة من الدرجات الجامعية؟

الليسانس كلمة فرنسية معناها الحرية، وحرية الجسم لا تتم إلا بسلامة جميع الأعضاء، وكذلك حرية العقل وحرية الروح، فلا حرية لعقل تعوزه المواهب، ولا حرية لروح يعوزه الصفاء.

وأشرح كلمة الليسانس من ثانية فأقول:

الغرض من هذه الكلمة هو إعطاء الطالب راية الحرية، الحرية من جميع ما قرأ وما سمع، ليكون من المبدعين

فأين حَمَلة الليسانس من هذا الغرض؟

إن أعفتهم الدولة من تحقيق هذا الغرض فلن يعفيهم الوطن، ولن يرحمهم الله الذي علم آدم في الفردوس ليكون رسوله إلى ممالك الأرض

إن للجامعة المصرية رسالة ندور حولها من وقت إلى وقت، وإن كان لها في أنفسنا صورة لا يتمثلها أبرع فنان، ولو استوحى نجوم السماء

وتلك الصورة هي سبب شقائي، وأنا الجامعي المخضرم الذي ظفر بألقاب الجامعة القديمة والجامعة الجديدة، فماذا صنعت في دنياي؟

إن قصائدي ومؤلفاتي ومقالاتي لا توحي إلى نفسي شيئاً من الازدهاء، لأني أفهم جيداً أن للنبوغ والعبقرية غاية إنسانية لا غاية محلية، فأنا لا أقنع بأن يكون الجامعي هو المصري

<<  <  ج:
ص:  >  >>