وتابع قوله: ولكن من القوة ما هو جميل، وللخلق والإنشاء. . . أريد القوة الظالمة. . .
- اسمع يا صاحبي. أقوى ما في الغاب الأسد، وليس هو شر ما فيها، يأتي الفريسة، فيدلها على نفسه، بفضل قوته المرعدة فتتقيه، وقد تنجو. ومن الضعف ما هو ظالم، أنسيت النفاق؟ وما قولك في الكذب؟ أليس ضعفاً؟ وما نلقى منه شر البلاء
فأطرق صاحبي، وفي إطراقه قفز من بين يديه (ابن آوى) فجفل من المفاجأة، ولما تحققه يستن في عدوه، صاح: لقد وجدتها! أمحو منها هذا؟ جنس الثعالب؛ الثعلبة، بربك ألا تراني مصيبا؟. . .
- أتمنى أن أراك مصيباً اليوم، ولكن لو محوتها لبقيت الغاب بعدها غاباً، تطامن لها رأسك، وتراوغ في مشيتك، وتقف عند حنية لتجمع نفسك، وتلم قوتك من حيوان متوثب، أو وحش غادر، كشأنك في الحياة؛ فالثعلب جنس من أجناس. وثعالب الأحياء كل خستها أنها تمشي إلى مطلبها بين مظاهر الجبن والتدليس، وهي تلقى جزاء خستها هذه. أنها تخشى افتضاح أمرها، وانكشاف مهارتها الحقيرة. وإن أحقر منها وأحقر، جنس الأفاعي: تطل برؤوسها وجلة، ثم تنساب ناعمة، لا يسمع لها حفيف، إلى الضحية الساهية اللاهية، ثم تنهشها لغير ما فائدة، إلا حب الأذى ولذة الإجرام. . . أرأيت الحية؟ أنتبه. إنها أخطر ما في الغاب
- وهل هي أخطر ما في الحياة؟ أو رأيتها أنت؟
- لقد رايتها كادت تنهشني؛ لولا أني فطنت لها، فركلتها فعادت تتغذى من التراب. ومن العجب أنها تضع على عينها دوماً منظاراً، ولها صوت موسيقي ناعم جذاب. وهكذا ترى انك كلما محوت جنساً نبتت لك أجناس، وكلما أردت أن تقضي على نحيزة نجمت لك نحائز ثم. . .؟
- لم يبق شيء عندي، أراك معنثاً اليوم. هات وخلني أنا السائل، وستراني لا أقل عنك إعناتاً. الهدم أسهل من البناء
- هكذا تقول، وليس هو عند الحق كذلك، ليس الهدم بأسهل من البناء
- كيف؟ سنتكلم في هذا مرة أخرى. والآن. أليس كل ما في الغاب يطلب أن يعيش وهو يصطنع لهذا مطالبه الخاصة: ثعلبة، مراوغة، قوة، إلى آخر هذه المسميات. . . وكذلك