الشأن في الحياة والأحياء. . . ما رأيك لو جعلنا العيش ميسوراً لكل طالب. . . ألا تمحي المنازعات وتذوب الشرور، ويمشي الإنسان ثابت القدم، مرفوع الرأس. كل ما أطلبه أن تمحى أنا، وتحل محلها نحن. ليتم كل شيء
- ولكن تبقى الغاب بعد هذا غاباً، وحيوان الغاب من طبعه الافتراس. إنه يعقل. أرأيت ثعلباً يفترس ثعلباً؟
- لا. . . وهذه نقطة الاختلاف عن بني الإنسان. فالناس جنس والغاب أجناس، هذه هي الطبيعة، ولكن (أنا) جعلت كل واحد جنساً متميزاً بذاته، منفصلاً عن بقية جنسه. فكل (أنا) لابد من أن يطامن من رأسه ويزحف على بطنه حذرا من (أنا) الثانية والثالثة. أما (نحن) فلا نمشي إلا مرفوعي الرؤوس. أمح قليلاً من (أنا) غير آسف. لو كان الغاب ملكاً لفصيلة واحدة، أكان يمشي أبناؤها وجلين مروعين، كما يمشي البشر في درب الحياة. . . أينا أعقل؟ إن جماع الرذائل في هذا الزائد في (أنا) عن حاجة المرء في الحياة. . .
- أو يكون ذلك؟
- سيكون في يوم ما، إنها الضرورة، أن الإنسانية لتعيش مروعة من الذل والخراب والجوع. وإنك لتعرف أن القلق حالة طارئة وأن الشيء الطبيعي هو حالة الاستقرار. وإلى أن يجيء هذا خلنا نضحك من زرادشت، ونردد قولته، ولكن على غير قصده وهواه. . . أهذه هي الحياة؟
هاتها إذن مرة ثانية وثالثة.
وأخيراً يا صاح هانحن أولاء أنسانا الحديث متاعب الطريق، واستحققنا متعة هذا المرج الضاحك النضير.