للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أعصاب القواد شديد، وثمن في سوق الأرواح مرتفع

وفصلت جيوش الشمال فكانت (دنكرك)، ودار الهاجمون نحو الجنوب. . . صوب باريس، وكانت القيادة الألمانية تعلم بتفكك الروح المعنوية في فرنسا، وما وصل إليه الأفراد فيها من أثرة وأنانية، فقررت الامتناع عن ضرب باريس، ذلك الضرب الذي ربما أحيا ما مات فيهم من شعور، فلم يخب ظنهم بل فتحت لهم الأبواب دون قيد أو شرط

أما الروس فكانوا هم وحدهم الذين تفتحت أذهانهم لمقتضيات الظروف، وحولوا مدنهم إلى مراكز دفاع قوية، سلح فيها المدنيون قبل العسكريين، فأمسك الزاحفون عن دخولها خشية التعرض لاستنزاف قواهم في شوارعها، ولم يجسروا على تركها خلفهم خشية التعرض لتقطيع خطوط مواصلاتهم، حول ضواحيها، بل فضلوا على كره وقف زحفهم الدقيق التوقيت مترقبين بقلوب قلقة جازعة وصول مدفعيتهم الضخمة الجاهدة وسط الأوحال على طرق وعرة حفت بها عصابات الأعداء، ثم ينصبونها إما وصلت، لتقوم بالدك والتحطيم أمداً من الزمان، وأخيراً يتبعونها بجنودهم الراجلة لاقتحام المباني منزلا بعد منزل ثم غرفة بعد غرفة

أصبحت المدن العائق الأكبر للجيوش المدرعة، فهذه تعتمد على السرعة أكبر اعتماد، مزيتها الأولى هي سرعة الاندفاع من مكان إلى مكان، وتلك تعمل على العرقلة والتعطيل، واجتذاب العدو وربطه بالمكان

لم يصب الجيش الألماني في جميع معاركه بخسائر تذكر بجانب ما حاق به في سمولنسك وسبستبول وستالنجراد وسائر المدن الروسية الكبرى، بل أن أكواخ بيتر حكيم القليلة العدد ذات القوالب الطينية، كلفتهم ما يفوق خسارة اليابانيين أمام رنجون؛ فالأولى أحسن الحلفاء استعمالها، أما الثانية فقد بادروا فيها إلى الإخلاء، ولم تساعدهم روح أهاليها المعنوية على إعداد الدفاع.

(ذ. ص)

<<  <  ج:
ص:  >  >>