للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ونحن نعرف أن الأزهر في هذه السنين قد جمع بين أهله عقولا تفكر في الإصلاح وقلوباً تشغل به وجهوداً تسعى إليه. وأن في الأزهر الحديث الشيخ المراغي والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ شلتوت ومن ورائهم جمع أو جموع من الشباب والطلبة يهتدون بدهيهم ويستجيبون لما يريدونه عليه للإصلاح والخير والتجديد

فهل الإصلاح للأزهر هو العلوم الحديثة ولو لم يكن لها أثر في الإفراج عن عقول أهل الأزهر وإخراجها من عبودية التقليد إلى حرية النقد والموازنة والرأي؟ أم هو معامل الكيمياء والرحلات والتواء ألسنتهم أو ألسنة بعضهم بكلمات قليلة، أو كثيرة من لغات أهل الأرض ولو لم يكن لها أثر في الإفراج عن عقول أهل الأزهر وإخراجها من ظلماتها إلى نور هذه اللغات وكنوزها وحرية التفكير فيها وبراعة النظم. . .؟ أم هو الفرار من القبلة القديمة والجديدة ومن الرواق العباسي إلى عمائر جديدة أو بالية بين مقابر الأحياء أو مقابر الموتى. . .؟ أم هو الملخصات والمذكرات والمطربشون من المدرسين وأن تضخم الأموال في العام بعد العام. . .؟

نحن نعرف أن الأزهر قد تغير في هذه السنين الكثيرة العدد، وأن الكلام عن تجديده وإصلاحه لم ينقطع يوماً، وأن فيه عقولا تفكر وقلوباً تشتغل وألسنة تتكلم وأقلاماً تكتب وخطباً تحرر وتحبر، وجموعاً من الشباب والطلبة ومن الغيورين المملوءة قلوبهم حماسة وإخلاصاً وصادق رغبة. ولكن الذي نريد أن نعرفه: هل فكرة الإصلاح للأزهر وللحياة الدينية في مصر والشرق واضحة الحدود عند الأزهريين مستبينة المعالم؟ وهل تجمع بين أصحاب العقول التي تفكر والقلوب التي تنشغل والجهود التي تسعى والألسنة التي تتحدث؟ هل بين هؤلاء جميعاً رباط من غرض أو غاية توحد بينهم في الفهم والسعي والكفاح في سبيل ما يؤمنون به. . .؟

من حقك ومن حقي أن نفكر وأن نحكم وأن نجيب، ففكر واحكم وأجب، أما أنا فقد فكرت وحكمت وليس من مقصودي اليوم أن أجيب، بل أن أعرض ما بنفسي أو بعض ما بنفسي وأن أسأل من يجيب. فهل من يجيب؟

محمود الشرقاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>