الله؟ أو سئل: ما القربى؟ ومن أي شيء تقترب بإذن الله؟ فماذا تراه يقول؟ وأي قصة لا يجوز أن تتألف وتتضخم في جواب هذا السؤال، وتفسير معنى الاسمين العجيبين وما فيهما من الشعر ما يغري بالاختراع؟
لقد رأينا كيف اخترعت قصة (أنس الوجود والورد في الأكمام) حول قصر مهجور بجزيرة (فيلة) عند الشلال؟ ورأينا أن القصر أصبح معقلاً مبنياً لفتاة يعشقها فتى مفتون بها يتعقبها من وراء البحار والأنهار والجبال والرمال؟ ولمن يبنى مثل هذا القصر إن لم يبن لبنت وزير؟ ولماذا يبنى إلا للحيلولة بين عاشقين؟ ذلك أمر معقول أدنى إلى العقل من التاريخ، ولهذا غلب اسم أنس الوجود على القصر حتى عرف به في الكتب وضاع بين الألسنة والأسماع ذلك الاسم الذي يسميه به المؤرخون
قال الراوي: أما ألماظة والقربى وقصر البارون فلها حديث عجاب، ونبأ مستطاب، يدهش الألباب، وتتحلى به الصحيفة والكتاب.
فالأصل في ألماظة (ألماسة) على التحقيق، لأنها كانت جوهرة مكنونة تحاط بالظلمات والسدود، ويقام من حولها الحراس والأجناد
وكانت (ألماسة) هذه جوهرة موموقة على سبيل المجاز، وفتاة معشوقة على سبيل الحقيقة التي يعلمها الراسخون. حجبوها لأنهم عشقوها فتعقبوها، وحاروا كيف يخفونها ويكتمون سرها لأن الذين تعقبوها كانوا ينفذون إلى كل سر ويحيطون بكل مكان. . . بنت وزير ولابد أن تكون حتى يستطاع نقلها من سهل إلى جبل ومن بحر إلى بر ومن بستان إلى صحراء، وابن أمير لابد أن يكون ذلك الذي هام بها وتعقبها حتى يستطيع أن يخيف الوزير على فتاته ويستطيع فوق هذا أن يهتدي إليها حيثما ضلله المضللون، وأن يطمع في اغتصابها ولو حماها منه الكماة المستبسلون
عرفنا السر إذن ووضعنا أيدينا على مفتاحه المكنون، ولم يبق إلا أن نتعقب المتعقبين إلى حيث يفلحون أو يخفقون
قال الراوي: وخرج الأمير الصغير يتنسم الأخبار، ويجوب الأقطار، ويتقلب بين الجزر والبحار، فوقف على كل جزيرة، ومخر في كل بحر، وسأل كل راكب، وتحير عند كل طريق؛ إلى أن أراد الله اللقاء، وأذن بانقضاء الفرقة والجفاء. فوقع المحب الوامق على