على الإيجاز، وأفضت في الاختراع والتلفيق على نحو يجمع بين التاريخ والرواية، وذكرت السنوات وسميت الأسماء وأصحبت الحديث بالتعليق، الذي ينوب عن (التأثر) والتصفيق، وانتهيت من القصة كأنني أشكك فيها، وألقي التبعة على ناقلها وحاكيها، فكان شكي مدعاة لقبولها، والجنوح إلى تصديقها، والنفرة من مكذبيها، ثم انتهت الإطالة إلى مداها، فأردت أن أصلها بإيجاز من غير لحمتها وسداها، فلا يسألني القارئ عن الخيبة التي قوبلت بها الحقيقة الواقعة، فلعلها كانت ابلغ من الحماسة التي قوبل بها التلفيق والاختراع، ولا يعجبني كراهة المخزن والكرفا فإنها لن تروق القلوب الفتية كما تروقها ألماسة والقربى، وهكذا معظم الحقائق ومعظم الأوهام ومعظم الأسماع ومعظم العقول
وكم للحق من وحشة! وكم للوهم من حظوة! وكم من الناس يأبون أن يصدقوا ما يرون ويسمعون لأن صدق الحياة أليم، فإذا هم يصدقون من يحجبون الصدق عنهم لأنه حجاب مزخرف وثير
وعدنا في الطريق فإذا نحن على مقربة من مسجد يتوسط بين القصر والمنحنى، فعاد صاحبي يقول وكأنه ينتقم مني بما يقول: وأظن هاهنا كان موضع الجذور والقدور، ومقام الصلاة من ذلك المحب الشكور!
قلت: مرحى! مرحى! فهكذا قال الراوي ونسيت، وهكذا يفيد التعليم في السامع النجيب!