وجهه ولم يعرفه، وأسره كمشتكين دواتي عميد الملك، وحز رأسه وحمل إلى السلطان. ولما حمل إلى السلطان حكى له الذي أسره إنه وجد في جيبه خمسة دنانير وأحضرها، فتقدم السلطان إلى أن يفرغ المخ من رأسه ويأخذ الخمسة دنانير، ثم أنفذه حينئذ إلى دار الخلافة؛ فوصل في يوم السبت النصف من ذي الحجة، فغسل ونظف، ثم ترك على قناة وطيف به من غد، وضربت البوقات والدبادب بين يديه، واجتمع من النساء والنفاطين وغيرهم بالدفوف ومن يغني بين يديه، ونصب من بعد ذلك على رأس الطيار بإزار دار الخلافة ثم أخذ إلى الدار)
(هـ) رأس البريدي:
أبو الحسين البريدي أحد العابثين الخارجين على سياسة دولة بني العباس. ارتكب من الظلم أمراً عظيما. فقد أرعب الخلق وكثرت جموعه، وتزلزل له الخليفة. وكان ظهوره في نواحي البصرة، حيث سعى غير مرة لفتحها والاستيلاء عليها؛ لكنه رد على أعقابه ولم ينل وطره، فقد خانه أكثر أصحابه وأعوانه، ثم قبض عليه وأودع دار السلطان.
قال مسكويه في أحداث سنة ٣٣٣هـ:(وكان أبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي أخذ في أيام ناصر الدولة فتوى الفقهاء والقضاة بإحلال دمه؛ فأظهرها في هذا الوقت، فلما كان بعد أسبوع من القبض عليه استحضر الفقهاء والقضاة، وأحضر أبو الحسين البريدي، وجمعوا بين يدي المستكفي بالله، وأحضر السيف والنطع، ووقف السياف بيده السيف، وحضر ابن أبي موسى الهاشمي، ووقف فقرأ ما أفتى به واحدا واحداً من إباحة دمه على رؤوس الأشهاد؛ وكلما قرأ فتوى واحد منهم سأله هل هي فتواه فيعترف بها حتى أتى على جماعتهم، وأبو الحسين البريدي يسمع ذلك كله ويراه، ورأسه مشدود، والسيف مسلول بازائه في يد السياف، فلما أعترف القضاة والفقهاء بالفتوى أمر المستكفي بالله بضرب عنقه، فضربت من غير أن يحتج لنفسه بشيء أو يعاود بكلمة أو ينطق بحرف، وأخذ رأسه وطيف به في جانبي بغداد ورد إلى دار السلطان. . .)
(و) رأس الخليفة الأمين، رأس عيسى بن ماهان، رأس أبي