قصة هذين الوزيرين إحدى عبر الدهر. قال ابن الطقطقي في الحسين بن القاسم إنه (لم يكن بارعاً في صناعته، ولا شكرت سيرته في وزارته، ولم تطل له المدة حتى عجز واختلت الأحوال عليه. . .، ولما ظهر للمقتدر نقصه وعجزه؛ قبض عليه وصادره، ثم بقى إلى أيام الراضي وأبعد عن العراق. فلما تولى ابن مقلة الوزارة؛ تقدم بقتله؛ وأرسل إليه من قطع رأسه، وحمل رأسه إلى دار الخلافة في سفط، فجعل السفط في الخزانة، وكانت لهم عادة بمثل ذلك. فحدث إنه لما وقعت الفتنة ببغداد في أيام المتقي؛ أخرج من الخزانة سفط فيه يد مقطوعة ورأس مقطوع؛ وعلى اليد رقعة ملصقة عليها مكتوب؛ هذه اليد يد أبي علي بن مقلة، وهذا الرأس راس الحسين بن القاسم، وهذه اليد هي التي وقعت بقطع هذا الرأس. فعجب الناس من ذلك)
٢ - حمل الرءوس إلى بغداد
كان حمل رءوس العصاة، والخارجين على الدولة، والفارين من وجه العدالة، ومن جرى مجراهم؛ إلى دار الخلافة العباسية ببغداد، أصدق شاهد على الفوز والانتصار، وكان هذا الأمر من الرسوم الجارية في تلك الأيام، فكانت بغداد تستقبل هذه الرؤوس بين حين واخر، فتدخلها مشهرة، ثم يؤتى بها فتوضع بين يدي الخليفة ليشاهدها هو ورجال دولته، وفي ذلك أمر يبتغيه الخليفة. ثم إنها تنصب على المواطن البارزة من البلد كالجسور، وأبواب دار الخلافة؛ ليشاهدها كافة الناس فيعتبرون بها ومن ثمة تستقر في خزانة الرءوس.
(ا) رأس خارجي ظهر ببلاد الحبشة
كان رأس هذا الخارجي من أوائل الرءوس التي حملت إلى بغداد، فقد ذكر المقريزي أن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب ابن أبي صفرة حج (في سنة سبع وأربعين (ومائة)، واستخلف عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج صاحب شرطته، وبعث جيشاً لغزو الحبشة من أجل خارجي ظهر هناك؛ فظفر به الجيش وقدم رأسه في عدة رءوس فحملت إلى بغداد. . .)
(ب) رأس أبي الليث الحارث بن عبد العزيز بن أبي دلف
انفرد أبو الليث بذبح نفسه بيده، دون قصد أو تعمد. فقد جاء في جملة حوادث سنة