كان سبب قتله على ما أجمعت عليه الروايات، أن الوزير (القاسم بن عبيد الله كان همّ بتصيير الخلافة من بعد المعتضد في غير ولد المعتضد، وأنه كان ناظر بدراً في ذلك، فامتنع بدر عليه قوال: ما كنت لأصرفها عن ولد مولاي الذي ولى نعمتي. فلما رأى القاسم ذلك وعلم إنه لا سبيل إلى مخالفة بدر؛ إذ كان بدل صاحب جيش المعتضد والمستولي على أمره والمطاع في خدمه وغلمانه، اضطغنها على بدر. وحدث بالمعتضد حدث الموت وبدر بفارس، فعقد للمكتفي عقد الخلافة وبايع له وهو بالرقة لما كان بين المكتفي وبين بدر من التباعد في حياة والده. . . فقدم بغداد المكتفي وبدر بفارس؛ فلما قدمها عمل القاسم في هلاك بدر. . .)
قال المسعودي:(. . . فلما امتنع عليه أحضر أبا عمر محمد ابن يوسف القاضي فأرسل به إلى بدر في شذاه (قلنا: الشذاء والشذاة والشذاوة؛ تجمع على الشذاءات والشذوات: ضرب من السفن النهرية الصغيرة في العصر العباسي) فأعطاه الأمان والعهود والمواثيق عن المكتفي، وضمن له إنه لا يسلمه عن يده إلا عن رؤية أمير المؤمنين؛ فخلى عسكره وجلس معه في الشذاء مصعدين، فلما انتهوا إلى ناحية المدائن والسيب تلقاه جماعة من الخدم، فأحاطوا بالشذاء، وتنحى أبو عمر إلى طيار فركب فيه، وقرب بدر إلى الشط وسألهم أن يصلي ركعتين وذلك في يوم الجمعة لست خلون من (شهر) رمضان سنة تسع وثمانين ومائتين وقت الزوال من ذلك اليوم؛ فأمهلوه للصلاة. فلما كان في الركعة الثانية قطعت عنقه وأخذ رأسه فحمل إلى المكتفي. فلما وضع الرأس بين يدي المكتفي سجد وقال: الآن ذقت طعم الحياة ولذة الخلافة. . .)
وزاد الطبري على ذلك قوله:(. . . وورد الخبر على المكتفي بما كان من قتل بدر. . . فرحل منصرفاً إلى مدينة السلام، ورحل معه من كان معه من الجند، وجيء برأس بدر إليه؛ فوصل إليه قبل ارتحاله من موضع معسكره، فأمر به فنظف ورفع في الخزانة)
(ح) رأس الوزير الحسين بن القاسم بن عبيد الابن سليمان ابن