للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الضابط المشترط في القراءة الصحيحة معروف، وقد أشار إلى هذا بإيجاز الأستاذ الفاضل محمد غسان في كلمته. . . وإلى القارئ ما قاله ابن الجزري بصدد ذلك في كتابه (النشر)

(كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا، وصح سندها؛ فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن)

ومن ذلك الوجه صحت هذه القراءات لدى أكثر المفسرين - وقد ذكرنا منهم فيما قبل صاحب الكشاف - ولم يكن لتشابه الحرف دخل في تصحيح هذه القراءات؛ بل أن هذا التشابه نفسه، قد أدى ببعضهم إلى اعتبارها تصحيفاً كالسيوطي صاحب المزهر والذين نقل عنهم. . .

هذا وإن إذن الرسول في كتابة القرآن وقراءته أمر معلوم لدى كل مسلم، وأسماء كتاب الوحي وسيرهم معروفة لنا جميعاً، فلم يأت الأستاذ بجديد في إشارته إلى ذلك؛ وهو لم يعد وجه الصواب في قوله أن من لا يحفظ القرآن كانت تعتريه الصعوبة في نطق بعض الكلمات، ولكنه أخطأ حين عقب على تلك الحقيقة فقال: (ومن هذا يجيء التيسير في قراءتها - يعني بعض الكلمات - على ما تحتمله من الوجوه!) فليس مجرد الصعوبة في القراءة هو علة هذا التيسير كما ذكرنا.

بقي أن نشير إلى أن الأستاذ عبد المتعال يبالغ في شأن الرقاع المخطوطة كثيراً، وما أشك في إنه يعلم ما فيه الكفاية عن حياة (الحفاظ) الذين كانوا يمضون بأمر الرسول إلى الجهات النائية لتحفيظ المسلمين آيات القرآن، وتلقينهم أوجه التلاوة الصحيحة؛ بل لعله يعلم أيضاً أن الرسول قبل الهجرة بعث إلى المدينة من يحفظ أهلها من المسلمين ما كان قد نزل من السور؛ فلم يكن يجزئ في كل هذا قراءة مخطوط دون الرجوع إلى تلاوة القراءة والحفاظ الموثقين والإثبات.

ومن الأمور المعروفة أيضاً أن عمر بن الخطاب لم يشعر بالحاجة إلى جمع الرقاع، وينصح للخليفة الصديق بذلك، إلا بعد أن تفرق هؤلاء الحفاظ في أطراف البلاد وفني كثير منهم في الوقائع والغزوات. إذ كان في هؤلاء - على حياة الرسول ومن بعده - الغناء كل

<<  <  ج:
ص:  >  >>