للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي توحي القول حين تريد؟

السرعة أدل على الحيوية من البط، إلا أن يكون البطء صورة نفسية أصيلة تشبه البطء الطبيعة في تكوين الجنين

على أني أنكر أن تكون سرعة الكاتب المبدع من ضروب الارتجال، فنحن نسرع في التعبير لا في التفكير، لأن محصولنا الذهني وليد لتاملات قضينا في ترجيعها شهوراً أو سنين، فما نكتبه اليوم ليس ابن اليوم إلا من حيث التدوين

ثم انتقل إلى مناقشة الدكتور عزام فيما سماه (السوقية في الأدب) وهو ما يسميه الفرنسيون بجامع الصلة بين الاتجار بالبضائع والاتجار بالأدب

والرأي عندي أن قلوب الجماهير أسواق نشتري فيها ونبيع، ومن واجبنا أن نكسب تلك القلوب قبل أن يكسبها الدجالون

يجب أن تكون لنا غاية صريحة هي غزو القلوب بالأدب الصحيح، وهذا الغزو لا يتيسر إلا إن كان للأدب جاذبية روحية تدخل على القلوب بدون استئذان

الأدب الحق هو الذي يضرم في القلوب والعقول نار الشوق إلى معرفة الحقائق الأدبية والذوقية والعقلية، وهو الذي يفرض على الجماهير أن تقيم أخلاقها على قواعد من المنطق السليم، وهو الذي يجعل للحياة غايات روحية لا يفطن إليها غير من يسايرون أقطاب البيان

التجارة لا تعاب وإنما يعاب الربح عن طريق التزييف، فمن استطاع أن يكسب قلوب الجماهير عن طريق الصدق فهو الأديب الحصيف أو التاجر الشريف

قلوب الناس تضيع من ايدينا، لأننا لا نفكر في رياضتهم على أيثار الصدق، ولأننا نترفع عليهم فلا ندعوهم إلى الحق إلا بتعابير محملة بالكبرياء

متى يصبح الأدب قوتاً لا تطيب بدونه الحياة في أنظار جميع الأحياء؟

يكون ذلك يوم يصير الأدب افصح معبر عن سريرة الوجود.

زكي مبارك

خطأ رواية حديث

<<  <  ج:
ص:  >  >>