للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن مقام البلاغة وصار بهذر العامة أشبه. وكان بحسب البليغ هذا الإيجاز المشرق، ولكنه ضم إليه من أنواع البديع (العكس) و (أسلوب الحكيم) فعكس الفعلين، واستعملهما في معنيين مختلفين، وكل ذلك في غير تكلف ولا تعسف ولا غموض.

فأنت ترى أن الصياغة وحدها هي التي سمت بهذه المعاني الخسيسة إلى أفق البلاغة فتداولتها الألسن وتناقلتها الكتب. وليس حال المعنى في ذلك حال اللفظ؛ فإن اللفظ في ذاته كالموسيقى يخلب الأُذن ويلذ الشعور وإن لم يترجم؛ أما المعنى فالكهرباء، إذا لم يكن لفظه جيد التوصيل انقطع تياره فلا يعرب ولا يطرب. أقرأ قول القائل:

لما أطعناكمُ في سخط خالقنا ... لاشك سلّ علينا سيف نقمته

ثم وازن معناه الشريف ونسجه السخيف، بما رويت لك من كلام أبي العيناء، فلا يسعك إلا أن تقول كما أقول: إن القذر يوضع في آنية الذهب فيقبل ويحمل؛ وإن المسك يوضع في نافجة الطين فيرفض ويهمل.

(للكلام بقية)

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>