هذه حقائق تاريخية تصطدم في ذهن القارئ ولا يجد لواحدة منها مرجحا؛ فهل نشك في صحة ما اجمع عليه المؤرخون من تاريخ وفاة ياقوت، أم نخطئ ما ورد بمعجمه من تاريخ التقائه بابن الباقلاني؟ وإذا اخذنا بالرأي الأخير، فهل نحمل السهو في ذلك على ياقوت نفسه، أم نحمله على ناسخي معجمه والقائمين بطبعه من القدماء والمحدثين؟. . .
هذا شيء، والشيء الآخر أن مكان هذه المقابلة - فضلاً عن تاريخها - موضع (للتفكير. فياقوت، كما نفهم من كلام ابن خلكان، لم يطرق بغداد منذ حوالي سنة ٦٠٠هـ، بل إنه (تحامى دخولها) وهو يقترب منها عند انتقاله متخفياً من إربل إلى خراسان عام ٦١٣هـ؛ لأن له غريماً (علويا) من أهلها كان قد ناظره في دمشق وألب عليه العامة حتى كادوا يقتلونه؛ وكان هذا سبب هروبه إلى خراسان، فكيف إذن يزعم ياقوت أنه لقي ابن الباقلاني في بغداد؟ وإذا قلنا إنه لقيه بها قبل عام ستمائة (أي تسع وتسعين وخمسمائة فما قبله) فكيف يتفق أن يقع الخطأ أو التحريف في ثلاثة أرقام كاملة، فنقرأ أن هذا اللقاء كان في سنة (سبع وثلاثين وستمائة)؟. . .
(جرجا)
محمود عزت عرفة
المكتب
قال الدكتور زكي مبارك وهو يدرس الشوقيات عندما تعرض لقصيدة (مصاير الأيام) ما يلي: (. . . ابتدأ الشاعر يريد شوقي) بحياة الطفل في المكتب، والمكتب كلمة جديدة يراد بها المدرسة الأولية، وهي كذلك في عرف وزارة المعارف فهي تقول المكاتب العامة بعد أن تقول المدارس الأولية)
وقد نفهم من ذلك أن المكتب بمعنى المدرسة الأولية وضع جديد والصحيح أنه استعمال قديم، ودليلي على ذلك ما يلي:
١ - قال المبرد:(المكتب موضع التعليم والمكتب المعلم، والكتاب الصبيان، ومن جعل الموضع الكتاب فقد اخطأ) ويرى هذا الرأي صاحب القاموس ولكن صاحب تاج العروس رده.