للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرأي ما عدا أمين الرافعي فقد كان الشخص الوحيد الذي لم ينتفع بشيء من هذا، واكتفى من كل ذلك بقوله: (لقد سررت بإنقاذ الدستور وفوز الأمة وارتاح ضميري ارتياح من يشعر بأن الله قد وفقه إلى دعوة صالحة كتب لها التحقيق والنجاح!)

وفي وسعنا أن نعرف مبلغ إيمان أمين وثباته من قوله: (يرى المؤمن الثابت العقيدة أن عقيدته مقدسة لا تحتمل تفريطاً ولا زعزعة، وأن لها من ضميره حارساً قوياً، فإذا وسوس له الشيطان أن يهمل هذه العقيدة على أية صورة من الصور، كان صوت الضمير وحده كافياً لأن يقطع على الشيطان وسوسته ويرده مدحوراً. وإذا ما تقدم خصوم العقيدة الثابتة بأموالهم الوفيرة، وهباتهم العظيمة، ووعودهم الخلابة؛ كي يلعبوا بالعقول ويزعزعوا الإيمان، وجدوا من يقظة ضمير المؤمن أكبر مخيب لآمالهم؛ لأن هذا الضمير الخالص الذي لا يخضع للماديات ولا يتأثر بأثرها المفسد لا يلبث أن يصيح بصاحبه: إياك والانخداع بما يعرضون عليك مهما عظم شأنه، فإن كنوز الأرض لا تعدل شرف الإنسان. ومتى استطاع المرء أن يحتفظ بشرفه فكل ما يفقده بعد ذلك لا يقام له وزن. لأن الحياة الشريفة يمكن احتمالها مهما بلغت مرارتها، أما الحياة المجردة من الشرف فإنها لا تساوي قلامة ظفر. وليست أيام الجهود والتعب والألم أسوأ أيام الإنسان. ويكفي صاحب المبدأ تشجيعاً أن ينال شيئاً من المكافأة المعنوية بأن يرى مبدأه يصيب بعض الفوز. . .

ومن المقرر أن المرء لا يجوز أن يشغل نفسه بمستقبل نفسه متى كان ضميره مرتاحاً وروحه مطمئنة وشعاره القيام بالواجب، وفعل ما يأمر به الضمير. وما عدا ذلك فليدعه لله تعالى لأنه من خصائصه وشئونه. وإذا كان في تأدية الواجب ما يورث الألم، فيجب أن يتحمل الإنسان الألم بغير مضض. لأن الآلام موجودة في هذا العالم ولكل مخلوق نصيبه منها)

وكان أمين عليه رضوان الله يستفتح يومه بتلاوة القرآن ويدعو بدعاء الرسول عليه السلام: (اللهم اجعلنا هادين مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك، حرباً لأعدائك. نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك. اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة. وهذا الجهد، وعليك التكلان) ثم يتلو هذه الآية الكريمة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)

<<  <  ج:
ص:  >  >>