نوح، الذي كان يحوي زوجين من أطايب الحيوان وخبائثه، أي أن كتابه حوى أطايب القواعد وخبائثها. ومع ذلك راج كتابه أي رواج ولا سيما لأنه تولى تصحيح كثير من أسفار مشاهير الأقدمين، وكانت تطبع في مطبعة بولاق للحكومة المصرية، منذ أن تولى تصحيح ما يصدر فيها، حتى شاع رسم الهمزة في تلك المطبوعات على ما أراد لا على ما كان رسمها المؤلف الأصيل في كتابه
ومما زاد الطين بلة، أن جماعة ممن جاء بعده من المؤلفين أصدروا كتباً للمدارس، فأشاعوا وأذاعوا تلك القواعد التي سورها الشيخ الهوريني بأسوار من فولاذ، بل أقوى وأصلب، فكانت الطامة الكبرى ولا سيما جاء الشيخ العلامة حسين والي وكان ينتظر أن يصلح ما أفسده سلفهُ، لكنه تابعه في جل قواعده، ألم نقل في كلها، وسمى تأليفه (كتاب الإملاء)(كذا)، مع أنه كتاب الرسم، إذ الإملاء بهذا المعنى من كلام الترك واصطلاحهم. لا من كلام العرب، كما كتب لي بذلك المؤلف نفسه في كتاب أحفظه، وكان جواباً على ما بينته له. فسارت تلك القواعد سير النار في هشيم التين بين جميع المعلمين والمتعلمين، وهي لا تزال سائرة إلى هذا اليوم الذي نكتب فيه هذه الكلمة
إلا أنه - والحمد لله - قام مناوئاً للعالمين أعظم لغوي فخالفهما، وهو الشيخ محمد بن أحمد بن محمود التركزي المشهور بابن التلاميد (بدال مهملة في الآخر)؛ الشنقيطي: المغربي الأصل، فإنه تولى طبع (المخصص) لابن سيده (بهاء محضة في الآخر)، وعلق عليه حواشي هي درر بل دراري، فزاد قدر المخصص في عيون الناس زيادة لا تضاهي في شيء، وقد رسم الهمزات في مواطنها، كما يجب أن ترسم على مذهب السادة الأئمة الفصحاء كسيبويه وابن الأنباري وابن جني والحريري والخفاجي وإضرابهم في هذا الأوان كأبناء الألوسي والزهاوي والرصافي
وقد اتفق للشنقيطي أن فند بعض الأحيان تفنيداً فلسفياً وبصريح العبارة، كلام الشيخ الهوريني وزيف أقواله، وبذات الوقت لم يوافق على رأى الشيخ العلامة حسين والي، ونحن نورد لك هنا نموذجاً مما قال، وقد عثرنا عليه نبهاً، وقد جاء ذلك في المخصص ١٧٨: ٨