إنا أبينا ولا يأبَى أحدٌ ... إنا كذلك عند الفخر نرتفع
فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت: قم فأجبه. فقام فقال:
إن الذوائب منِ فِهرو اخوتهم ... قد بينوا سُنة للناس تُتبع
يرضى بهم كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وكل الخير يُصطنع
قوم إذا حاربوا ضَرُّوا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدَّثةٍ ... إن الخلائق فاعلم شرها البدع
أعِفة ذكرت في الوحي عفتهم ... لا يَطبعون ولا يرديهم طمعُ
لا يبخلون على جار بفضلهم ... ولا يمسهم من مَطمع طَبَعُ
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم ... وإن أصيبوا فلا خور ولا هلعُ
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم ... إذا تفاوتت الأهواء والشيع
وقد جاء ذكر أهل البادية أيضاً في سورة التوبة، فوصموا فيها هذه الوصمة التي جاءت في قوله تعالى (الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم)
ولكن الله تعالى بعد أن أطلقها كلمة فيهم، لأن ذلك شأنهم وديدنهم، وهو الطبع الغالب، والحال الظاهر، عاد فذكر أن قليلاً منهم يخالفهم في هذه الطباع؛ فقال:(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم)
فهذا اجاء في القرآن الكريم عن البادية وأهلها، وهو حرب ظاهر عليها، وقد جاهد الإسلام حتى قضي على آثارها بين العرب، وجعل منهم أمة عالمة متحضرة متآلفة متحابة، وموعدنا بما جاء في القرآن الكريم عن الحضارات القديمة الأعداد الآتية.