عنهم ما استطاعوا، ليضحك الشعب ويحتفظ الحكام المستبدون بهالة الرهبة والوقار في وقت واحد
ولست أذكر أن أصحاب الدعوة النازية غضبوا لشيء قبل الحرب كغضبهم لقول الخصوم عن الشعب الألماني إنه شعب محروم من ملكة الفكاهة، وأنه لا يعرف الضحك والسخرية، وإلا لما طال صبره على المظاهر الحكومية التي هي أدعى الأشياء إلى الضحك والسخرية!
فقد أثارت هذه التهمة غضب جوبلز وتلاميذه فأوعزوا إلى الصحف الناقدة عندهم أن تقيم الدليل على بطلانها، وراحت هذه الصحف تعقد عندهم أن تقيم الدليل على بطلانها، وراحت هذه الصحف تعقد المباريات لأصحاب النوادر والتعليقات الفكاهية وتغريهم على الظهور تارة بالتنويه والثناء، وتارة بالجوائز والمكافآت. وكانت البدعة الشائعة في تلك الأيام بدعة تقصير الملابس والإفراط في التجرد بين النساء الأوربيات ومنهن الألمانيات، فانهال المتندرون على هذه البدعة بالتنكيت والتسخيف واتخذوها هدفاً للمباريات والمسابقات. وأذكر من نوادرهم في ذلك نادرة لا بأس بها فاز صاحبها بإحدى الجوائز الأولى، وهي أن رجلاً دخل المنزل فرأى امرأته في كساء جديد يشبه أكسية الحمام في القصر والخفة، فبادرته قائلة: ألا تعلم يا فلان أنني ظفرت بخائط يبيعني الكسوة التي أحتاج إليها بالتقسيط؟
فنظر إليها حانقاً وقال:(وأظن هذا هو القسط الأول من الكسوة؟. . .)
واعتقد الدعاة النازيون أنهم أبطلوا تهمة خصومهم بجملة هذه النكات، وأثبتوا للشعب الألماني ملكة الفكاهة التي ينكرها عليه المنكرون
على أن الواقع - بنجوة من المفاخرات القومية والخصومات السياسية - أن أبناء الحواضر في ألمانيا لا تفوتهم النكتة اللاذعة، ولا تخلوا تعليقاتهم على الحكام والنظم الحكومية من الفكاهة الصادقة، وإن لم يبلغوا فيها شأو أبناء العواصم الأخرى كفينا وموسكو ولندن وباريس
ويغلب على اعتقادنا أن الصرامة النازية قد شحذت هذه الملكة ولم تقتلها، لأن هذه الصرامة تلجئ الناس إلى التنفيس عن صدورهم بالنكات والفكاهات، وكل ما هنالك أنها لا