التي خاضها الجيش العربي فهي معركة جدة وهي أول معركة ربحها العرب في الحجاز، ثم معركة مكة والليثي وأوملج، والطائف، والمدينة، ورابغ، والوجه، والمويلح، وخبا، وحروب المحطات، والعقبة، ووادي موسى، والطفيلة، ومعان، والأزرق، وحوران، ومعركة الشام الكبرى، وغير ذلك من الحروب التي أظهر بها الجيش العربي الباسل كل ضروب القوة والشجاعة والعبر رغم حداثته وقلة أفراده، مما لا يتسع المقام لتفصيلها. ولقد انتصر هذا الجيش الفتي في جميع هذه المعارك والحروب انتصاراً مبيناً، وسجل آيات الظفر بأحرف من نور. وكذلك انتهت الحرب التي افتتحت بمعارك الحجاز واختتمت بحروب الشام بفوز العرب وكانت قوة الترك لا تقل عن عشرين ألف محارب مجهزة بأفضل الأسلحة الحديثة. وقد قطع العرب خط الرجعة على الجيش التركي المتقهقر من فلسطين ووادي الأردن، ومنطقتي معانة وعمان، وما كان يقل عن ثلاثين ألف محارب، فقد ارتد على جناح السرعة من دون أن يشتبك مع البريطانيين في قتال بسبب ظهور العرب وراء خطوطه، فانسحب بسرعة لكيلا يقع بين نارين، ولولا جهود العرب في الصحراء، وقطعهم الطريق على الجيش العثماني، وحاجتهم للمحطات على طول الطريق، لما وقع ما وقع ولارتد الجيش سالماً ولأنشأ خطوط دفاع جديدة في حوران وحول دمشق. ولقد سلم الترك والألمان بهذه الحقيقة الرائعة قبل الحلفاء، فقال المارشال (ليمان فون ساندرس) القائد العام للجيوش التركية في بلاد العرب في مذكراته التي نشرها بعد الحرب الماضية ما نصه: (لقد اتفق شريف مكة وأميرها مع الحلفاء في صيف عام ١٩١٢ على الاشتراك في الحرب، وأعلن استقلال العرب، فنشطت بذلك حركاتهم الثورية في بلاد الشام، وكان الحلفاء يحمونها، واتسع نطاقها، وخصوصاً بعد إفلاس سياسة الشدة التي سار عليها جمال باشا، في معاملة الشعب العربي. ولقد أراد أنور باشا إعداد حملة عسكرية كبيرة تزحف على مكة، وتنصب أميراً جديداً عليها، بيد أن عدم ملاءة الظروف الحربية، وعدم جواز اشتراك جنود مسيحيين في الحرب، حال دون إتمام ذلك فعدل عنه. ولقد أدت الثورة العربية خدمات جلى للجيش البريطاني، خلال تقدمه في شبه جزيرة سينا فكان الإنجليز آمنين مطمئنين يفعلون ما يشاءون كأنهم في داخل بلادهم، بعكس الترك الذين مقتهم أهل البلاد، وملوهم فكانوا يسوقون جيوشهم وكأنهم في بلاد معادية لهم). . .