الغرب، ويقول إنهم قد أساءوا إلى أخلاقهم وعاداتهم ونظمهم حين لجئوا إلى هذا التقليد:
١ - ذلك لأنهم استُّنوا بهذا التقليد سُنَناً جديدة ضارة لم تكن معروفة من قبل في مصر كالانتحار.
٢ - وهم كذلك أساءوا التقليد فنقلوا عن الغرب مفاسد قد قيدها الغرب بقيود فجعلوها هم مباحة لا قيد فيها ولا شرط كالقمار والبغاء والخمور.
٣ - وهم تعلقوا بالمظاهر الكاذبة في التقليد، وتركوا المهم من مدنية الغربيين. وفي هذا يقول:(فأصبحوا في الظلال يعمهون وفي البهتان يتسكعون، واكتفوا بهذا الطلاء الزائل من المدنية الغربية)
٤ - ولقد كان هذا التقليد سبباً في تركهم العادات الكريمة المتوارثة عن الأجداد والأسلاف فهو يقول:(ونبذوا ما كان عليه أسلافهم من الحق ظهرياً، فانهدم الأساس ووهت الأركان وانقضّ البنيان وتقطعت بهم الأسباب فأصبحوا في الضلال يعمهون وفي البهتان يتسكعون)
٥ - على أن هذا النقل كان مخالفاً لطبيعة البيئات والأجناس فإن ما يصلح للغرب قد لا يصلح للشرق، وما يراه الغربيين أمراً مألوفاً نراه نحن أمراً منكراً لتقاليدنا وأمزجتنا وما توارثناه عن السلف من عادات وآداب، والمويلحي يضرب لذلك مثلاً التمثيل المنقول عن الغرب برمته وأشخاصه وأصوله:(ولن تخلوا قصة من قصصهم التي يمثلونها عن ذكر العشق والغرام وما من رواية لهم إلا والعاشقان يكونان فيها كالفاتحة والخاتمة لها، وهو وإن كان مقبولاً عند الغربيين مسموحاً به لموافقة العادة عندهم، ولكونه شيئاً لا عيب فيه يجهر به فتيانهم وفتياتهم بل هو أصل من أصول التزاوج بينهم قضت به رطوبة الإقليم وطبيعة الحال إلى ما يهيج الشعور ويثير ثائرة الخيال لكنه غير مقبول عند الشرقيين ولا مسموح به في عاداتهم. . .)
هذه هي الأسباب التي يعزو إليها المويلحي فساد المجتمع والأخلاق وهي كما ترى ما أشار إليه جمال الدين وتردد على ألسنة المصلحين. ولم يبق بعد هذا إلا أن نشير إلى الإصلاح الأدبي والديني في كتاب (حديث عيسى بن هشام) ليتضح للقارئ الارتباط المتين بين دعوة جمال الدين ودعوة المويلحي.
لم يكن المويلحي من علماء الدين وإنما كان من الأدباء المصلحين الذين وجهوا أكبر