جهودهم إلى المجتمع والأخلاق، فهو إذا كتب في الدين كتب ليحارب الجمود دون تعمُّق في التفصيلات؛ وهو إذا انتقد العلماء أراد من وراء هذا النقد توجيههم إلى الاشتراك في الحياة العامة ليتحقق صلاح المجتمع والأخلاق.
فهو يرمي في كتابه طوائف من الناس بالاستهتار وضعف العقيدة فيقول على لسان حفيد الباشا (لست أسمع لهذا الكذب والخرف وليس لي اليوم من جد ولا والد، ولا أنا ممن يصدِّق حديث البعث في الآخرة فكيف برجوع الموتى في الدنيا)
أما الخرافات التي علقت بالأذهان فهو يلم بها إلماماً في سياق حديثه عن كبراء العصر الماضي. وقد جلس أحد العلماء إلى السيد عبد القادر الكيلاني إحياء الغريق كما ينسب إليه أن الله قد وعده بأن من ينظر إليه يوم الجمعة يكون ولياً مقرباً، وإذا نظر إلى التراب يكون ذهباً إلى آخر ما ورد في هذه القصة. ونحن نعلم علم اليقين أن المويلحي قصد بهذه القصة إظهار ما ران على الدين وأصوله ومبادئه من خرافات يجب الإقلاع عنها والبعد عن التعلق بأمثالها لأنها تبعد عن روح الدين ورسالته
وهو يرجو من الدين أن يصلح لكل حياة وأن يكون دافعاً إلى إصلاح المجتمع وعاملاً من عوامل الخير والسيادة الإنسانية، فإن أقتصر الدين على النسك والعبادة، واتكل الناس على أعمالهم التعبدية التي يقومون بها غافلين عن فعل الخير وتقديم المعونة للبشر كان آلياً لا خير فيه لصلاح الناس. وفي الكتاب ما يشير إلى ذلك على لسان الباشا فهو يقول:(وقد غرتني في دنياي من مثل هذا الشيخ ما يهوِّن عليّ ارتكاب المخزيات وفضائح الشرور في معاملة الناس ارتكاناً على نهار أصومه وليل أقومه. . . فنمت عن عمل الخير وغفلت عن بذل المعروف)
فلعلك تدرك بعد هذا أن المويلحي له دعوة دينية قوامها التمشي مع المدنية والبعد عن الخرافات وخدمة الإنسانية. وهذه الدعوة هي غاية جمال الدين، وهي ما قام به الشيخ محمد عبده
أما الأدب فإن المويلحي يرى أنه لا يرتقي ولا تسمو عبارته ولا تجود معانيه إلا إذا اتصل الأدباء بالتراث العربي القديم يقلبون في عباراته البليغة وأساليبه الرصينة. ويرى أنه لا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بنشر الكتب وطبعها حتى تكون في متناول الناس جميعاً، ويعجب