من بقاء الكتب المخطوطة في المكتبة العامة بعيدة عن أيدي الناس قائلاً إن هذا يعرضها للتلف ويفوت الغرض منها ويجعل النفع بها محدوداً؛ وهو يشتط في هذا الرأي فيقول:(أي نفع وفائدة للأمة المصرية الإسلامية في أن تنشر بين يديها رمم الفراعنة في الأنتكخانة، وتقبر أرواح العلماء والحكماء في الكتبخانة). وهذا الكلام وإن أجراه المويلحي على لسان أحد الأشخاص إلا أن المتتبع لكلامه في هذا الصدد يعلم إيمانه بها الكلام
ولم ينس المويلحي الثقافة الحديثة وأثرها في الأديب فهو يقول في عزلة الباشا عن الناس:(وعكفت مع الباشا في عزلتنا أذهب به كل مذهب، وأنتقل به من مطلب إلى مطلب في مطالعة الأشعار والكتب من تاريخ وأدب ومن حكم متينة قويمة وشتى علوم حديثة وقديمة)
وغاية المويلحي من كل هذا أن يتصل الأدباء بالأدب العربي القديم لأنه منبع لكل بارع وفاخر من الأساليب، وأن ينالوا من الثقافة الحديثة حظاً كبيراً لأنهم في حاجة إلى هذه الثقافة التي تمدهم بالأفكار والمعاني؛ ثم هو لا يعجبه رصف الألفاظ الجوفاء التي لا تحمل معنى قيماً. ولذلك ساق في حفلة العرس خطبة وقصيدة ليبين نوعاً من الأدب التافه شعره ونثره. وقد عقب عليهما ساخراً بقوله:(ثم انتهينا بحمد الله من الشاعر بعد الخطيب
وهذه الدعوة الأدبية هي دعوة جمال الدين ومن سار على نهجه من بعده. وقد استطاع المويلحي بلباقته الأدبية القصصية أن يضمن كتابه هذه النواحي الإصلاحية في أسلوب شائق جذاب يستهوي الناس. ولم ينس أن يذكر ما كان لدعاة الإصلاح وزعماء النهضة من فضل عليه فهو يقول في إهداء كتابه: (وأهديه إلى أرواح المرحومين الأديب الوالد، والحكيم جمال الدين، والعالم محمد عبده، واللغوي الشنقيطي، والشاعر البارودي. . . أولئك الذين أنعم الله عليهم وأولئك الذين تأدبت تأدبهم وأخذت عنهم)