للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من المتعصبين للنصرانية. والدليل القاطع أيضاً على عدم وجود المكتبة حتى قبيل الفتح الإسلامي ما ذكره المؤرخ (أورازيوس) عن زيارته للإسكندرية قبل سنة ٤١٤م، إذ قال: (إنه وجد رفوف المكتبة خالية من الكتب)

على أن العرب لم يدخلوا الإسكندرية إلا بعد استيلائهم عليها بأحد عشر شهراً - وقد ذكر في عهد الصلح الذي أبرم بين عمرو بن العاص والمقوقس: أنه يجوز للروم أن يحملوا إلى بلادهم كل أمتعتهم. وفي غضون هذه المدة كان البحر مفتوحاً ولم تكن أمامهم صعوبات تعوقهم عن حمل كتب المكتبة إلى بلادهم إذا كانت موجودة؛ وهذا ينهض دليلاً آخر على عدم وجود المكتبة إبان الفتح الإسلامي.

عبد العظيم أحمد هيبة

١ - موقف مجلة الأزهر من النبوة والعبقرية

كتبت مجلة الأزهر في جزء المحرم سنة ١٣٦٢ مقالاً في ذكرى الهجرة، فرقت فيه بين النبوة والعبقرية، فذكرت أن النبوة روح إلهية تتجلى معها قوة الحق في أروع مظاهرها، فتؤيد القائمين بها خرقاً للسنن الثابتة، ونقضاً للعادات المقررة، فيدرك الناس أنهم إزاء إرادة إلهية لا يقف في طريقها حائل، ولا تثبت في مقاومتها القوة. أما العبقرية فهي هبة ليس للقوة العقلية أثر في إيجادها، تعجز عن مجرد حمل الناس على تقدير ما تأتي به، حتى إن أكثر العباقرة عاشوا غير مقدرين، ولم يفهم الناس جلالة ما أتوا به بعد أن ماتوا بعدة قرون، ثم بنت على هذا أن نجاح الدعوة الإسلامية لم يكن فيه أي أثر للعبقرية، وإنما كان معجزة عظيمة جعلها الله دليلاً على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

ومجلة الأزهر تقصد بهذا أن تهدم الأساس الذي قام عليه كتاب عبقرية محمد للأستاذ العقاد، مع أن هذا الأساس لا شئ فيه من جهة الدين، وقد بنيت عليه قبل ظهور ذلك الكتاب مقالاتي في السياسة الأسبوعية - أثر السياسة النبوية في نجاح الدعوة الإسلامية - فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع الوحي مجال فسيح يعمل فيه كانسان، فيجتهد في بعض أحكام الدين، وينظر في أمور الدنيا، ويبحث ما يعرض له من مسائل السلم والحرب، وقد أظهر في ذلك المجال براعة عظيمة تشهد له بكمال العبقرية، ومع هذا كان

<<  <  ج:
ص:  >  >>