جانبهم يميلون إلى التعلم، وكانوا يتمتعون بقسط وافر من الحرية خارج المدرسة، فمن المشكوك فيه حينئذ أن يكون الحكم الذاتي شيئاً ضرورياً مرغوباً فيه
كذلك لا نحب أن نترك هذه المسألة قبل أن ننتبه إلى أن وجوه النشاط في داخل المدرسة مرتبط أشد الارتباط بوجوه النشاط في خارجها وأن الحكم الذاتي في خارج الفصل لا يمكن لهذا السبب أن يتم له النجاح إذا كانت الأمور في الفصل تجري على قواعد بالية عتيقة
وليس للحكم الذاتي نظام خاص صالح لكل الأحوال، وإنما هو يتكيف بحسب الحالة التي يوجد فيها، فالسن، والجنس وتقاليد المدرسة، وشخصية المدرسين، وطبيعة البيئة التي منها التلاميذ والمثل الاجتماعية التي ترمي إلى تحقيقها - كل هذه يجب أن تترك في الحكم الذاتي أثرها وتكيفه وفقها.
وأنا أعتقد أن قيمة الحكم الذاتي تزيد وأن مجاله يتسع إذا أمكن أن نبث فيه روحاً اقتصادية. وذلك يكون بإعطاء التلاميذ في كل أسبوع قدراً معيناً من المال يستطيعون به أن يدبروا الأمور المالية المختلفة التي كان يقوم بها من قبل مدبرو شئون المدرسة. فيستطيعون مثلاً أن يشتروا ما هم في حاجة إليه من الأقلام وأقلام الرصاص، وأن يشتروا لجرائد اللازمة للمكتبة، وأن يشتروا جميع الأدوات اللازمة للألعاب سواء أكانت داخل المدرسة أو خارجها، وأن يشتروا حاكياً أو مذياعاً، وأن يؤثثوا غرفة هادئة للمطالعة، وأن يقيموا بالرحلات الخ. وكل هذا يستدعي بالطبع وجود مصرف في المدرسة يودع فيه ما يعطاه التلاميذ من مال، ويقوم على تدبير أمره أحد هؤلاء التلاميذ. وكل هذا يستدعي أيضاً أن تقدم اللجان المختلفة ميزانيتها، وأن تفحص هذه الميزانيات لجنة مالية مختصة لتقرر ما تراه.
وقد يكون من بين التلاميذ يصطنعون الحكم الذاتي - ومعظمهم من غير شك قد بلغ سن الشباب - بعض التلاميذ الذين لم يبلغوا هذه السن بعد. فهؤلاء التلاميذ الأحدث يمكنهن أن يشاركوا في عملية الحكم الذاتي، ولكن على شرط ألا يكون عددهم كبيراً جداً. وهنا يتفق نظام الحكم الذاتي عن نظام العرفاء الذي يخضع التلاميذ الصغار لسلطة التلاميذ الكبار.
ويجب أن يعتبر الحكم الذاتي وسيلة يعاقب بها التلاميذ بعضهم بعضاً. وعلى ذلك فيجب ألا يكون العقاب إلا حين يكون من ورائه صون لقوانين الحكم الذاتي من أن تنقض، تلك