القوانين التي شرعها التلاميذ أنفسهم وقصدوا بها إلى ما فيه الخير لهم جميعاً. على أن هذا العقاب يجب أن يكون خالصاً من الغل مبرءاً من الضغينة. فالقوة إذن سناد لقانون الحكم الذاتي في مجتمع التلاميذ كما أنها سناد القانون في المجتمع الكبير. ولكن كلما قوى شعور التلاميذ بما فيه مصلحتهم العامة فإن الحاجة إلى العقاب تقل.
وهنا يأتي الكلام عن مسألة من أهم مسائل الحكم الذاتي: فيجب ألا يتطرق إلى الأذهان أن نظام الحكم الذاتي يرفع عن عاتق ناظر المدرسة ومدرسيها مسئولية التأديب، فهو على العكس من ذلك يزيد من مدى هذا المسئولية؛ وذلك لأن عملية الضبط لا ترمي حينئذ إلى حفظ النظام فقط بل إلى غاية تربوية كذلك. ومعنى هذا أن عملية الضبط في هذا النظام لا تقصد مباشرة إلى مجرد حفظ النظام، وإنما هي تقصد عن طريق غير مباشر لا إلى منع النظام من أن يتطرق إليه العبث ويخترمه الخلل. وإنما تصطنع عملية الضبط هذا الطريق غير المباشر لتكفل للغاية التربوية التي يرمي إليها الحكم الذاتي أن تتحقق، وما هذه الغاية التربوية إلا إفساح المجال لشخصيات التلاميذ حتى تنمو وتترعرع.
ولكن هذا النوع من الحرية لا يرضى به دعاة التحرير فهم يقولون إنه ليس إلا مسخاً للحرية؛ ذلك لأنه يفرض على التلاميذ ما يريده المدرس، فإذا أراد هؤلاء أن ينطقوا مع سجينتهم فيما يفعلون فإنهم سرعان ما يعوقون. وإنما ينادي دعاة التحرير بحرية خالصة من القيود ينطلق معها التلاميذ أينما يريدون فيقعون فيما يقعون من أخطاء ويعالجون هذه الأخطاء كما يحبون
على أن الأستاذ جون آدمز لا يرتضي مذهب هؤلاء. فهو ينادي بأن تكون للمدرس السلطة العليا، تلك السلطة التي تحفظ على جماعة التلاميذ صالحها العام قد تؤدي به الحرية المتطرفة. أضعف إلى ذلك أن الحياة الواقعية حياة مفعمة بالقيود: القيود العامة التي تغلنا بها الحياة في المجتمع، والقيود الخاصة التي يغلنا بها من نخضع له أو من نخضع لهم. فإذا كان التلاميذ لن يواجهوا في المستقبل حياة خالصة من القيود، فأحر بهم أن يعودوا منذ الصغر الخضوع لسلطة مرب أو مربية يقصد كل منهما إلى تهيئة ظروف المدرسة بحيث تكفل لسلوك التلاميذ وشخصيتهم الترعرع والنماء
ويرى الأستاذ أسبورن أن تقسم السلطة مناصفة بين الناظر والمدرسين من جهة والتلاميذ