من جهة أخرى. وهو يعتقد أن هذا التقسيم لا يضير نظام الحكم الذاتي في شيء. فالناظر مثلاً يمكنه أن يفرض على التلاميذ مزاولة الألعاب الرياضية في أيام معينة من الأسبوع، ثم يترك لهم توزيع ضروب هذه الألعاب على هذه الأيام، فيجعلون هذا اليوم للكريكيت وذاك للكشف وهلم جرا. على أنه لا يمكن فصل هاتين السلطتين فصلاً تاماً، فيجب على الناظر والمدرسين أن يصغوا إلى ما يوجهه لهم التلاميذ من نقد، وإن كانوا يملكون حق إهمال هذا النقد
وقد عرض الأستاذ جردن ماكاي المسألة، فقال إنه لا يمكن أن يتحقق نظام الحكم الذاتي من غير وجود المربي. ولكي يبين صحة ذلك انتقل إلى وظيفة المربي، فقال إنها تتلخص في العمل على نشر القدرة المنطوية، ثم العمل على تنمية قدرة تلاميذه جماعة وأفراداً، فالمربي أولاً مرشد وفيلسوف وصديق، وهو إلى ذلك ناصح أمين في كل ما يتعلق بالدروس والاجتماعيات وسائر وجوه النشاط في الفصل.
على أنه يجب أن يتصف بصفات معينة تعينه على أن يكون كذلك، وهذه الصفات ليست إلا صدى للعلاقة التي تربطه بالتلاميذ. فهو يجب أن يثق بأنه قادر على معاونة تلاميذه على نشر مواهبهم الكامنة، وهو يجب أن يعتقد أن نفوس تلاميذه تنطوي على حكمة كثيرة مخبأة، أو على صفات أخرى تستحق أن يكد في سبيل إماطة اللثام عنها، وهو يجب أن يكون ذا عقل واسع الثقافة، وشخصية منسجمة الأطراف متوافقة الأنغام، وقدرة على التنفيذ، وهو يجب أن يجمع إلى هذه الخصال كلها حباً للأطفال يلهبه الحماس، ولكن الحماس الذي يخفف من حدته الحذر ويبعد غوره التبصر
ويزيد الأستاذ ماكاي على ذلك، فيقول إن المربي يجب أن يشعر تلاميذه بأن نجاحهم ونجاحهم فقط هو الهدف الأسمى للمربي، وأنه ما وجد إلا للوصول إلى هذا الهدف. وعلى ذلك يجب أن يحملهم باستمرار على أن يهدفوا نحو شكل من أشكال الكمال هو في الحقيقة أبعد من أن يتناوله ذرعهم، وأن يشعرهم بأنهم إن فشلوا في الوصول إلى هذا الكمال فلسوف يستطيعون فيما بعد ان يحاولوا محاولات أخرى تحدوها خبرة أوسع
والمربي كذلك يجب أن يوفق بين نواحي الضعف في المربي ونواحي القوة، فيعطي من هذه لتلك ليصل بالمربي في آخر الأمر إلى حال من التوازن قائمة على تعاون ملكاته