فعبرة الحرب الحاضرة هي انتصار الديمقراطية التي تقول بتعاون الطبقات
بل تقول بعموم مذهب التعاون في العلاقات الدولية والعلاقات الداخلية على السواء
وإذا كان للتاريخ الإنساني معنى فهذا هو منطق الحوادث في صراع اليوم، وهذا هو منطق الحرب الحاضرة إذا شاءت لها الأقدار أن تجري إلى نهايتها على استقامة واعتدال
ونحن نؤمن أن الحرية الفردية هي رائد التاريخ الإنساني من قديم الزمان، وأنها هي مناط التقدم في الحياة الاجتماعية وفي الحياة النفسية بلا اختلاف
ويخطئ من يرجعون بنشأة الحرية الفردية إلى الثورات الحديثة، أو إلى العهد الذي شاعت فيه كلمة الديمقراطية على ألسنة الخاصة والعامة في الجيلين الأخيرين
فالحرية الفردية - أو الديمقراطية - قد نشأت مع الأديان السماوية الذي آمن فيه الإنسان بالروح وآمن بالتكليف، وآمن بالمساواة بين الأرواح أمام العزة الإلهية
يومئذ عرف الفرد أنه فرد له روح تناط بها الفرائض والواجبات، ويناط بها الثواب والعقاب
ويومئذ أصبح الإنسان (وحدة) مستقلة أمام الله
ويومئذ قام أساس الديمقراطية في الأرض قياماً لا يزول ولن يزول، إلا أن يذهب التاريخ فوضى بغير دلالة وغير اتجاه
ولهذا آمنا حق الإيمان بهزيمة الطغيان في هذا الصراع القائم على الرغم من ظواهر النجاح في بداية الصراع. لأننا آمنا حق الإيمان أنه واقف في طريق التيار الجارف، وأن الإنسانية لو كانت تريد أن تدين بالقوة الغاشمة لما كانت بها حاجة إلى الأديان تظهر بعد القوة الغاشمة هي - أي القوة الغاشمة - عند الإنسانية من بداية عهدها، بل من بداية عهد الحيوان
ولهذا نفهم أن مشروعات الإصلاح على سبيل المثال مشروع بيفردج لا تدل على هزيمة الحرية الفردية ولا يمكن أن تدل عليها وتطمع في النجاح
ولكنها تدل على التعاون بين الطبقات، والتعاون بين الأمم، والتعاون بين الأفراد
تدل على العالمية، وهي اتساع لحرية الفرد في العالم كله، واتساع لحرية كل وطن من الأوطان