خلع رداءه القديم، فأخذ يكثر من الأسئلة ويجادل أبويه ولا يكتم رأياً من آرائه، ويصبح بذلك كله مبعث فوضى واضطراب في البيت. ولكن بمرور الزمن نجد هذا الطفل قد اخذ يستشعر روح السعادة، ويكون بذلك مبعث سعادة في البيت.
فإذا ما لاءم والداه بين نفسيهما وما يعتنقه من رأى فإن الحكم الذاتي يكون حينئذ قد امتد أثره أليهما عن طريق غير مباشر. أما إذا لم يستجيبا له فهما على الأقل سيضطران إلى معاودة النظر في فلسفتهم في الحياة.
وصفوة القول أن للحكم الذاتي في المدرسة يداً تستطيع أن تمتد إلى المنزل فتتناوله بالتغيير والتبديل.
٣ - فيما يتعلق بالنجاح في الحياة
يخيل إلى أن نظام الحكم الذاتي يؤهل التلاميذ لان يكونوا في المستقبل رجالاً يقومون بما تفرضه عليهم الحياة من واجبات، وزعماء يقودون الجماعات ويسوسون الجماهير. وليس من شك في أن هذا راجع إلى ما يبثه نظام الحكم الذاتي في نفوس التلاميذ من الاعتماد على النفس والقدرة على سياسة الغير.
وللحكم الذاتي أنصار وخصوم. فكما أن له أنصار ينادون بوجوب اصطناعه في كل مدرسة فان له خصوماً لا يفهمون منه إلا انه نوع من البلشفية نوع من البلشفية يتخلى فيه المدرس عن سلطته التقليدية ليتولاها عنه التلاميذ.
وهم يقولون انهم لا يخدعون بما يزعمه أصحاب هذا النظام من حتى الدرس في الأشراف والتوجيه. ذلك لأنهم لا يعترفون بسلطة إلا سلطة المدرس، ولا يؤمنون بحق إلا حقه.
فهؤلاء هم خصوم الحكم الذاتي. على أنهم لن تقدر لهم الغلبة عليه. ذلك لأنه صدى للحياة المتجددة، وهم صدى للقديم الموغل في القدم، وكيف يميت الصدى الحي صدى كاد يأكله الفناء؟ إلا أن الحياة لا تبقي إلا على ما يسايرها في سيرها الأبدي، أما ما يتخلف عن مسايرتها فقد حق عليه أن يموت على مدرجة الطريق غير مرئي من أحد أو مبكى من أحد.